للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْكِتَابِ، وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ لَوْحًا فَأَدْخَلَهُ فِي السَّفِينَةِ أَوْ إبْرَيْسَمًا فَخَاطَ بَطْنَ نَفْسِهِ أَوْ بَطْنَ عَبْدِهِ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ، وَلَوْ غَصَبَ خَمْرًا فَخَلَّلَهَا فَالْمَالِكُ يَأْخُذُهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ هَذَا إذَا خَلَّلَهَا بِشَيْءٍ لَا قِيمَةَ لَهُ كَمَا إذَا خَلَّلَهَا بِالنَّقْلِ مِنْ الظِّلِّ إلَى الشَّمْسِ، وَمِنْ الشَّمْسِ إلَى الظِّلِّ أَمَّا إذَا خَلَّلَهَا بِإِلْقَاءِ الْمِلْحِ فِيهَا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ، وَلَوْ خَلَّلَهَا بِإِلْقَاءِ الْخَلِّ فِيهَا إنْ صَارَ خَلًّا مِنْ سَاعَتِهِ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ صَارَ خَلًّا بَعْدَ مُضِيِّ الزَّمَانِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَلِكَ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا بَقِيَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ الْخَلِّ.

وَلَوْ غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ فَدَبَغَهَا فَالْمَالِكُ يُعْطِيهِ مَا زَادَ الدِّبَاغُ فِيهِ، وَيَأْخُذُ الْجِلْدَ فَإِنْ أَتْلَفَهُ الْغَاصِبُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا مَا ذُكِرَ فِي نَظْمِ الزُّبَدِ انْتَهَى.

الْخَشَبُ إذَا كَسَرَهُ الْغَاصِبُ فَاحِشًا لَا يَمْلِكُهُ مِنْ الْأَشْبَاهِ.

غَصَبَ فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا، وَضَرَبَهَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ آنِيَةً لَمْ يَزُلْ مِلْكُ مَالِكِهَا عَنْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَأْخُذَهَا، وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ وَقَالَا: يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ، وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَكَذَا النُّحَاسُ إذَا كَانَ الْمَعْمُولُ مِنْهُ يُبَاعُ وَزْنًا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ.

وَمَنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ أَحْمَرَ أَوْ سَوِيقًا فَلَتَّهُ بِسَمْنٍ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبٍ أَبْيَضَ وَمِثْلَ السَّوِيقِ وَسَلَّمَهُ لِلْغَاصِبِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا، وَغَرِمَ مَا زَادَ الصَّبْغُ وَالسَّمْنُ فِيهِمَا، وَقَالَ أَبُو عِصْمَةَ: إنْ شَاءَ رَبُّ الثَّوْبِ بَاعَهُ، وَيَضْرِبُ بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَصَاحِبُ الصَّبْغِ بِمَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ، وَالصُّفْرَةُ كَالْحُمْرَةِ، وَلَوْ صَبَغَهُ أَسْوَدَ فَهُوَ نُقْصَانٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا زِيَادَةٌ، وَقِيلَ: هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ وَقِيلَ: إنْ كَانَ ثَوْبًا يُنْقِصُهُ السَّوَادُ فَهُوَ نُقْصَانٌ، وَإِنْ كَانَ ثَوْبًا يَزِيدُ فِيهِ السَّوَادُ فَهُوَ كَالْحُمْرَةِ، وَقَدْ عُرِفَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَإِنْ كَانَ ثَوْبًا تُنْقِصُهُ الْحُمْرَةُ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فَتَرَاجَعَتْ بِالصَّبْغِ إلَى عِشْرِينَ فَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى ثَوْبٍ يَزِيدُ فِيهِ الْحُمْرَةُ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ خَمْسَةً يَأْخُذُ ثَوْبَهُ، وَخَمْسَةَ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ إحْدَى الْخَمْسَتَيْنِ جُبِرَتْ بِالصَّبْغِ مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ غَصَبَ اللَّبَنَ فَاسْتَخْرَجَ سَمْنَهُ يَمْلِكُهُ هَذِهِ فِي الْهِبَةِ مِنْهَا.

نَقَشَ بَابًا مَقْلُوعًا لِرَجُلٍ بِالنَّقْرِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الْبَابَ بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ لَوْ أَخَذَهُ لَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا.

، وَلَوْ غَصَبَ إنَاءَ فِضَّةٍ فَنَقَشَهُ بِالنَّقْرِ فَهُوَ كَالْبَابِ لِمَا قُلْنَا مِنْ قَاضِي خَانْ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ فَالْمَالِكُ أَحَقُّ بِذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ، وَالْهِدَايَةِ.

غَصَبَ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ، وَخَاطَهُ مَلَكَهُ بِالْقِيمَةِ، وَكَذَا لَوْ لَبَّدَ صُوفًا، وَلَوْ قَطَعَهُ، وَلَمْ يَخِيطُهُ فَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ، وَكَذَا لَوْ غَصَبَ نَخْلًا فَشَقَّهُ جُذُوعًا لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ لِلْأَجْزَاءِ.

وَلَوْ غَصَبَ حِمَارًا أَوْ بَغْلًا، وَقَطَعَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ مَلَكَهُ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ صَحِيحًا.

وَلَوْ غَصَبَ شَاةً فَذَبَحَهَا، وَسَلَخَهَا أَوْ غَزْلًا فَسَدَاهُ أَوْ لَبَنًا فَطَبَخَهُ مَضِيرَةٌ أَوْ خُبْزًا فَثَرَدَهُ أَوْ لَحْمًا فَجَعَلَهُ إرَبًا إرَبًا أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَكَسَرَهَا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ، وَكَذَا لَوْ غَصَبَ قُطْنًا فَحَلَجَهُ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ لِقِيَامِ عَيْنِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَاسَ بُرًّا حَيْثُ يُقْضَى لِمَالِكِهِ بِالْبُرِّ، وَالتِّبْنُ لِلْغَاصِبِ، وَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَةِ الْجُلِّ.

وَلَوْ غَصَبَ أُرْزًا فَقَشَّرَهُ أَوْ بُرًّا، وَاِتَّخَذَهُ كِشْكًا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ لِقِيَامِ الْعَيْنِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

وَفِي إقْرَارِ الْوَجِيزِ عَنْ الْمُنْتَقَى قَالَ مُحَمَّدٌ: لَوْ قَالَ الْغَاصِبُ: غَصَبْتُك ثَوْبًا فَقَطَعْته، وَخَطَّتْهُ بِغَيْرِ أَمْرِك، وَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: بَلْ غَصَبْتنِي الْقَمِيصَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَالْبَيِّنَةُ

<<  <   >  >>