بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ انْتَهَى.
وَلَوْ قَطَعَ عُضْوًا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ، وَسَلَّمَهُ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَكَذَا لَوْ ذَبَحَهَا أَوْ سَلَخَهَا، وَجَعَلَهَا عُضْوًا عُضْوًا، وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ إذَا أَخَذَهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ، وَالْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
وَإِنْ قَطَعَ عُضْوًا يَدًا أَوْ رِجْلًا مِنْ حَيَوَانٍ لَا يُؤْكَلُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَقَطَعَ يَدَهَا أَوْ رِجْلَهَا حَيْثُ لِلْمَالِكِ أَنْ يُمْسِكَهَا، وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ لَا يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا بِذَلِكَ وَإِنْ انْقَطَعَ الْعُضْوُ مِنْ مَأْكُولٍ كَالشَّاةِ، وَالْجَزُورِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَذَا، وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ، وَيُمْسِكَ الدَّابَّةَ هَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ.
وَكَذَا إذَا ذَبَحَ شَاةً فَلِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَذْبُوحَةَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ.
وَكَذَا لَوْ ذَبَحَ حِمَارَ غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَكِنَّهُ يُضَمِّنُهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِلْمَالِكِ أَنْ يُمْسِكَ الْحِمَارَ الْمَذْبُوحَ، وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ، وَكَذَا الْمَقْطُوعُ الْيَدُ أَوْ الرِّجْلُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا قَتَلَ ذِئْبًا مَمْلُوكًا أَوْ أَسَدًا مَمْلُوكًا لَا يَضْمَنُ شَيْئًا، وَيَضْمَنُ فِي الْقِرْدِ لِأَنَّ الْقِرْدَ يَكْنُسُ الْبَيْتَ، وَيَخْدُمُ.
وَلَوْ غَصَبَ مُصْحَفًا فَنَقَطَهُ قَالُوا: هَذِهِ زِيَادَةٌ فَصَاحِبُ الْمُصْحَفِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَادَ ذَلِكَ فِيهِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَنْقُوطٍ، وَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ صَاحِبَهُ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ مِنْ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْوَجِيزِ مُسْتَدِلًّا لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِلنَّقْطِ بِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا الْمُتَقَوِّمُ الصِّفَةُ، وَلَا تُقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ انْتَهَى.
وَفِي الْخُلَاصَةِ مَا يُوجِبُ الْمِلْكَ، وَالضَّمَانَ إذَا غَيَّرَهُ مِنْ حَالِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْهَا إذَا غَصَبَ كِرْبَاسًا فَخَاطَهُ قَمِيصًا أَوْ حَدِيدًا فَصَاغَهُ إنَاءً أَوْ سَيْفًا أَوْ سِكِّينًا فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ أَوْ غَصَبَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا أَوْ سَاجَةً فَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ أَوْ غَصَبَ لَحْمًا فَطَبَخَهُ مَرَقَةً، وَيَضْمَنُ الْمِثْلَ أَوْ الْقِيمَةَ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ أَوْ غَصَبَ شَاةً فَذَبَحَهَا، وَسَلَخَهَا فَجَعَلَهَا إرَبًا إرَبًا مَلَكَهَا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا حَيَّةً أَوْ غَصَبَ حِمَارًا أَوْ بَغْلًا وَقَطَعَ يَدَهُمَا أَوْ أَرْجُلَهُمَا مَلَكَهُمَا، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا صَحِيحًا أَوْ غَصَبَ حُبُوبًا فَبَذَرَهَا فِي أَرْضِهِ أَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَصَارَ عِنْدَهُ خَمْرًا أَوْ خَمْرَةً فَخَلَّلَهَا أَوْ غَزْلًا فَنَسَجَهُ أَوْ قُطْنًا فَغَزَلَهُ أَوْ دَقِيقًا فَخَبَزَهُ، وَمَا يَلْحَقُ بِهِ أَوْ غَصَبَ بَيَاضًا فَكَتَبَ عَلَيْهِ أَوْ بَيْضَةً فَحَضَنَهَا تَحْتَ دَجَاجَةٍ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ لَا تُوجِبُ الْمِلْكَ مِنْهَا إذَا غَصَبَ شَاةً فَذَبَحَهَا وَسَلَخَهَا كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا، وَأَخَذَ قِيمَتَهَا حَيَّةً، وَمِنْهَا إذَا قَطَعَ ثَوْبَ غَيْرِهِ أَوْ غَصَبَ قَلْبَ فِضَّةٍ فَكَسَرَهُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ مَكْسُورًا، وَلَا يُضَمِّنُهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ قِيمَةَ الْقَلْبِ مِنْ الذَّهَبِ، وَلَا يُضَمِّنُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ غَصَبَ نُقْرَةَ فِضَّةٍ فَسَبَكَهَا لَمْ يَمْلِكْهَا، وَيَأْخُذُهَا صَاحِبُهَا.
وَلَوْ ضَرَبَهَا دَرَاهِمَ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَرَدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا، وَمِنْهَا إذَا غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ يُعْطِيهِ الْمَالِكُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ، وَلَا يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ، وَلَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ بِثَوْبِ إنْسَانٍ، وَأَلْقَتْهُ فِي صِبْغِ الْغَيْرِ فَهُوَ عَلَى هَذَا أَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ لَمْ يَمْلِكْهُ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ مَكَثَ حَتَّى يَرْجِعَ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ إلَى الْقَاضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute