للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَلَوْ رَهَنَ الدَّارَ بِمَا فِيهَا جَازَ وَلَوْ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الرَّهْنِ إنْ كَانَ الْبَاقِي يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الرَّهْنِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ بَقِيَ رَهْنًا بِحِصَّتِهِ وَإِلَّا بَطَلَ كُلُّهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

الشُّيُوعُ الطَّارِئُ يُبْطِلُ الرَّهْنَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ.

وَصُورَتُهُ الرَّاهِنُ إذَا وَكَّلَ الْعَدْلَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ مُجْتَمِعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا كَيْفَ شَاءَ فَبَاعَ بَعْضَ الرَّهْنِ بَطَلَ فِيمَا بَقِيَ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ يَبْقَى الرَّهْنُ صَحِيحًا فِيمَا بَقِيَ وَيَكُونُ الْبَاقِي مَحْبُوسًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَإِنْ هَلَكَ الْبَاقِي وَفِي قِيمَتِهِ وَفَاءٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الَّتِي هِيَ أَمَانَةٌ كَالْوَدَائِعِ وَالْعَوَارِيّ وَالْمُضَارَبَاتِ وَمَالِ الشَّرِكَةِ وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِغَيْرِهَا كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَإِذَا هَلَكَتْ الْعَيْنُ لَمْ يَضْمَنْ الْبَائِعُ شَيْئًا لَكِنَّهُ يُسْقِطُ الثَّمَنَ وَهُوَ حَقُّ الْبَائِعِ فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ مِنْ الْهِدَايَةِ.

فَإِذَا رَهَنَ الْمُودَعُ بِعَيْنِ الْوَدِيعَةِ رَهْنًا أَوْ الْمُسْتَعِيرُ بِالْعَارِيَّةِ يَكُونُ بَاطِلًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ يَهْلِكُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَكَذَا لَوْ رَهَنَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْعَيْنِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ أَوْ أَخَذَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْآجِرِ رَهْنًا بِالْعَيْنِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ كَانَ بَاطِلًا وَكَذَا إذَا بَاعَ عَيْنًا وَأَعْطَى بِالْمَبِيعِ رَهْنًا لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ التَّسْلِيمِ كَانَ بَاطِلًا فِيمَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَالْقُدُورِيُّ فَإِنْ هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ تَهْلِكُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ تَهْلِكُ بِالْقِيمَةِ كَضَمَانِ الْغَصْبِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ عَلَى الْبَائِعِ وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ سَيْفًا وَأَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ رَهْنًا بِالسَّيْفِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَمِنْ قِيمَةِ السَّيْفِ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَفِي الْوَجِيزِ الرَّهْنُ بِالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ مُنْعَقِدٌ فَاسِدًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ ذَهَبَ بِغَيْرِ شَيْءٍ اهـ.

وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي الدَّيْنِ قَوْلُ أَصْحَابِنَا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِالْأَمَانَاتِ شَامِلٌ لِلْكُتُبِ الْمَوْقُوفَةِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا رَهْنٌ وَالرَّهْنُ بِالْأَمَانَاتِ بَاطِلٌ فَإِذَا هَلَكَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ بِخِلَافِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ كَالصَّحِيحِ اهـ.

وَيَصِحُّ الرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِعَيْنِهَا وَهِيَ أَنْ تَكُونَ مَضْمُونًا بِالْمِثْلِ أَوْ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ هَلَاكِهَا مِثْلُ الْمَغْضُوبِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ لِأَنَّ الضَّمَانَ مُتَقَرِّرٌ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ.

وَكَذَا لَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَأَخَذَ الْوَلِيُّ مِنْ الْعَاقِلَةِ رَهْنًا بِالدِّيَةِ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي جَازَ وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا جَرَحَ غَيْرَهُ جِرَاحَةً لَا يُسْتَطَاعُ فِيهَا الْقِصَاصُ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْأَرْشِ لِلْمَجْرُوحِ فَأَخَذَ بِالْأَرْشِ رَهْنًا أَوْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ خَطَأً وَقَضَى الْقَاضِي بِنِصْفِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَأَخَذَ الْمَقْطُوعُ يَدُهُ رَهْنًا مِنْ الْعَاقِلَةِ جَازَ وَكَذَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ أَيِّ دَيْنٍ كَانَ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِمَا ذَابَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ وَيَصِحُّ بِالدَّيْنِ الْمَوْعُودِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: رَهَنْتُك هَذَا لِتُقْرِضَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَوْ هَلَكَ يَهْلِكُ بِمَا سَمَّى مِنْ الْمَالِ بِمُقَابَلَتِهِ مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَفِي الْوَجِيزِ رَهَنَ قَلْبَ فِضَّةٍ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ دِرْهَمًا فَهَلَكَ قَبْلَ أَنْ يُقْرِضَهُ يُعْطِيهِ دِرْهَمًا وَلَوْ رَهَنَهُ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ وَلَمْ يُسَمِّ الْقَرْضَ يُعْطِيهِ الْمُرْتَهِنُ مَا شَاءَ وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ: أَمْسِكْهُ رَهْنًا بِدَرَاهِمَ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ وَلَوْ قَالَ: أَمْسِكْهُ

<<  <   >  >>