بِمِثْلِ هَذَا مِنَ الْحَدِيثِ لَوْ عَقَلُوا وَأَنْصَفُوا، أَمَا سَمِعُوا اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَيْثُ يَقُولُ: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: ٣٦] فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَقُولُ إِنَّ إِلَهِيَ فِي السَّمَاءِ وَفِرْعَوْنُ يَظُنُّهُ كَاذِبًا.
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
فَسُبْحَانَ مَنْ لَا يُقِّدُرُ الْخَلْقُ قَدْرَهُ ... وَمَنْ هُوَ فَوْقَ الْعَرْشِ فَرْدٌ مُوَحَّدُ
مَلِيكٌ عَلَى عَرْشِ السَّمَاءِ مُهَيْمِنٌ ... لِعِزَّتِهِ تَعْنُوا الْوُجُوهُ وَتَسْجُدُ
وَهَذَا الشِّعْرُ لِأُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ وَفِيهِ يَقُولُ فِي وَصْفِ الْمَلَائِكَةِ:
وَسَاجِدُهُمْ لَا يَرْفَعُ الدَّهْرَ رَأْسَهُ ... يُعَظِّمُ رَبًّا فَوْقَهُ وَيُمَجِّدُ
قَالَ: فَإِنِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: ٨٤] وَبُقُولِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: ٣] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: ٧] الْآيَةَ، وَزَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ بِنَفْسِهِ وَذَاتِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَدُّهُ. قِيلَ لَهُمْ: لَا خِلَافَ بَيْنِنَا وَبَيْنَكُمْ وَبَيْنَ سَائِرِ الْأُمَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ دُونَ السَّمَاءِ بِذَاتِهِ، فَوَجَبَ حَمْلُ هَذِهِ الْآيَاتِ عَلَى الْمَعْنَى الصَّحِيحِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ مَعْبُودٌ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ مَعْبُودٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَكَذَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute