للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَمَنْ تَجَاوَزَ هَذَا الْمَرْوِيَّ مِنَ الْأَخْبَارِ عَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَأَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ، وَكَيَّفَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْمَرْوِيَّةِ وَمَثَّلَهَا بِشَيْءٍ مِنْ جَوَارِحِنَا وَآلَاتِنَا فَقَدْ تَعَدَّى وَأَثِمَ وَضَلَّ وَأَبْدَعَ فِي الدِّينِ مَا لَيْسَ مِنْهُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيِّ، وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَمِيرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ طَاهِرٍ سَأَلَهُ فَقَالَ: يَا أَبَا يَعْقُوبَ، مَا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي تَرْوُونَهُ: " «يَنْزِلُ رَبُّنَا إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا» "، كَيْفَ يَنْزِلُ؟ فَقَالَ إِسْحَاقُ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ، لَا يُقَالُ لِأَمْرِ الرَّبِّ كَيْفَ.

ذِكْرُ قَوْلِهِ فِي كِتَابِ الْإِبَانَةِ لَهُ: ذَكَرَ صِفَةَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ وَأَثْبَتَهَا كَمَا ذَكَرَ فِي التَّمْهِيدِ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ تَقُولُونَ إِنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ؟ قِيلَ لَهُ: مَعَاذَ اللَّهِ بَلْ هُوَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ ثُمَّ ذَكَرَ الْأَدِلَّةَ عَلَى ذَلِكَ نَقْلًا وَعَقْلًا قَرِيبًا مِمَّا ذَكَرَ فِي التَّمْهِيدِ، وَقَالَ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَيْضًا: وَصِفَاتُ ذَاتِهِ الَّتِي لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ مَوْصُوفًا بِهَا هِيَ الْحَيَاةُ وَالْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْكَلَامُ وَالْإِرَادَةُ وَالْبَقَاءُ وَالْوَجْهُ وَالْيَدَانِ وَالْعَيْنَانِ وَالْغَضَبُ وَالرِّضَى.

ذِكْرُ قَوْلِهِ فِي رِسَالَةِ الْحَيْرَةِ قَالَ - فِي كَلَامٍ ذَكَرَهُ فِي الصِّفَاتِ - وَأَنَّ لَهُ وَجْهًا وَيَدَيْنِ، وَأَنَّهُ يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ: وَأَنَّهُ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ فَاسْتَوْلَى عَلَى خَلْقِهِ فَفَرَّقَ بَيْنَ الِاسْتِوَاءِ الْخَاصِّ وَبَيْنَ الِاسْتِيلَاءِ الْعَامِّ.

[قَوْلُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِيِّ]

(قَوْلُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِيِّ) : الْمُتَكَلِّمُ مِنْ مُتَكَلِّمِي أَهْلِ الْحَدِيثِ صَاحِبُ جَامِعِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ فِي أُصُولِ الدِّينِ، قَالَ فِي جَامِعِهِ الصَّغِيرِ: فَإِنْ قِيلَ: مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى

<<  <   >  >>