للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: ٣٩] ، وَقَالَ تَعَالَى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: ١٤] ، فَأَثْبَتَ لِنَفْسِهِ فِي نَصِّ كِتَابِهِ: الْوَجْهَ وَالْعَيْنَيْنِ، وَالْيَدَيْنِ. وَرُوِيَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الدَّجَّالَ وَأَنَّهُ أَعْوَرُ. وَقَالَ: " إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ» "، فَأَثْبَتَ لَهُ الْعَيْنَيْنِ، وَهَذَا حَدِيثٌ غَيْرُ مُخْتَلَفٍ فِي صِحَّتِهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بِالْحَدِيثِ. وَهُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَقَالَ: فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ مِنَ الْأَخْبَارِ الْمَشْهُورَةِ: " «وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ» " ; يَعْنِي أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ بِإِحْدَاهُمَا مَا يَأْتِي بِالْأُخْرَى كَالَّذِي يَتَعَذَّرُ عَلَى الْأَيْسَرِ مَا يَأْتِي بِيَمِينِهِ، وَنَقُولُ أَنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ كَمَا نَطَقَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ، وَأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: «هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَيُعْطَى؟ ، أَوْ مُسْتَغْفِرٍ فَيُغْفَرَ لَهُ؟» ، الْحَدِيثَ.

وَأَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] ، وَقَالَ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤] ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ دِينَنَا وَدِينَ الْأَئِمَّةِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ تَمُرُّ كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَحْدِيدٍ، وَلَا تَجْسِيمٍ، وَلَا تَصْوِيرٍ، بَلْ كَمَا جَاءَ بِهَا الْحَدِيثُ، وَكَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ شِهَابِ الزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ فِي وُجُوبِ إِمْرَارِهَا عَلَى مَا جَاءَ بِهِ الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ. وَرَوَى الثِّقَاتُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ سَائِلًا سَأَلَهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، فَقَالَ: الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ.

<<  <   >  >>