يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَهَا لَا تَقُولِي ذَلِكَ، فَتَوَهَّمِي أَنَّهُ مَحْدُودٌ وَأَنَّهُ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ، وَلَكِنْ قُولِي: إِنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ ; لِأَنَّهُ هُوَ الصَّوَابُ دُونَ مَا قُلْتِ، كَلَّا فَلَقَدْ أَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَعَ عِلْمِهِ بِمَا فِيهِ وَأَنَّهُ مِنَ الْإِيمَانِ بَلِ الْأَمْرُ الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْإِيمَانُ لِقَائِلِهِ وَمِنْ أَجْلِهِ شَهِدَ لَهَا بِالْإِيمَانِ حِينَ قَالَتْهُ. وَكَيْفَ يَكُونُ الْحَقُّ فِي خِلَافِ ذَلِكَ وَالْكِتَابُ نَاطِقٌ بِذَلِكَ وَشَاهِدٌ لَهُ؟ (قَالَ) وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ لِصِحَّةِ مَذْهَبِ الْجَمَاعَةِ فِي هَذَا خَاصَّةً إِلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ لَكَانَ فِيهِ مَا يَكْفِي كَيْفَ (وَقَدْ) غُرِسَ فِي بِنْيَةِ الْفِطْرَةِ وَمَعَارِفِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا شَيْءَ أَبْيَنَ مِنْهُ وَلَا أَوْكَدَ؟ لِأَنَّكَ لَا تَسْأَلُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ عَنْهُ عَرَبِيًّا وَلَا عَجَمِيًّا وَلَا مُؤْمِنًا وَلَا كَافِرًا فَتَقُولُ أَيْنَ رَبُّكَ؟ إِلَّا قَالَ: فِي السَّمَاءِ (إِنْ) أَفْصَحَ، أَوْ أَوْمَأَ بِيَدِهِ أَوْ أَشَارَ بِطَرْفِهِ إِنْ كَانَ لَا يُفْصِحُ وَلَا يُشِيرُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَرْضٍ وَلَا سَهْلٍ وَلَا جَبَلٍ، وَلَا رَأَيْنَا أَحَدًا إِذَا عَنَّ لَهُ دُعَاءٌ إِلَّا رَافِعًا يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَلَا وَجَدْنَا أَحَدًا غَيْرَ الْجَهْمِيَّةِ يَسْأَلُ عَنْ رَبِّهِ فَيَقُولُ: فِي كُلِّ مَكَانٍ كَمَا يَقُولُونَ وَهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ أَفْضَلُ النَّاسِ كُلِّهِمْ فَتَاهَتِ الْعُقُولُ وَسَقَطَتِ الْأَخْبَارُ وَاهْتَدَى جَهْمٌ وَخَمْسُونَ رَجُلًا مَعَهُمْ نُعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ. هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ.
[قَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ]
(قَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ) قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَلَمَّا رَجَعَ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ سَلَكَ طَرِيقَ ابْنِ كِلَابٍ وَمَالَ إِلَى أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَانْتَسَبَ إِلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ كَمَا قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي كُتُبِهِ كُلِّهَا كَالْإِبَانَةِ وَالْمُوجَزِ وَالْمَقَالَاتِ وَغَيْرِهَا وَكَانَ الْقُدَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ كَأَبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute