صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا الْوَقْفُ حَسَنٌ لِمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ بِذَاتِهِ فَوْقِ الْعَرْشِ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَى أَنْ قَالَ: وَوَقَفَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُنْكِرِي اسْتِوَاءِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى قَوْلِهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] وَابْتَدَءُوا بِقَوْلِهِ: {اسْتَوَى لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [طه: ٥] يُرِيدُونَ بِذَلِكَ نَفِيَ الِاسْتِوَاءِ الَّذِي وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَهَذَا خَطَأٌ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ بِذَاتِهِ. وَقَالَ فِي كِتَابِهِ " الْغُنْيَةُ ": أَمَّا مَعْرِفَةُ الصَّانِعِ بِالْآيَاتِ وَالدَّلَالَاتِ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِصَارِ فَهُوَ: أَنْ تَعْرِفَ وَتَتَيَقَّنَ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ أَحَدٌ إِلَى أَنْ قَالَ وَهُوَ بِجِهَةِ الْعُلُوِّ مُسْتَوٍ عَلَى الْعَرْشِ مُحْتَوٍ عَلَى الْمُلْكِ مُحِيطٌ عِلْمُهُ بِالْأَشْيَاءِ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: ١٠] ، (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) .
فَلَا يَجُوزُ وَصْفُهُ بِأَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ بَلْ يُقَالُ: إِنَّهُ فِي السَّمَاءِ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] وَسَاقَ آيَاتٍ وَأَحَادِيثَ ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي إِطْلَاقُ صِفَةِ الِاسْتِوَاءِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَأَنَّهُ اسْتِوَاءُ الذَّاتِ عَلَى الْعَرْشِ ثُمَّ قَالَ: وَكَوْنُهُ عَلَى الْعَرْشِ مَذْكُورٌ فِي كُلِّ كِتَابٍ أُنْزِلَ عَلَى كُلِّ نَبِيٍّ أُرْسِلَ بِلَا كَيْفٍ. هَذَا نَصُّ كَلَامِهِ فِي الْغُنْيَةِ.
[قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَفِيفِ الشِّيرَازِيِّ]
(قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَفِيفِ الشِّيرَازِيِّ) إِمَامِ الصُّوفِيَّةِ فِي وَقْتِهِ قَالَ فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute