للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِبُ لَهُ التَّسْلِيمُ وَلَوْ سَاغَ ادِّعَاءُ الْمَجَازِ لِكُلِّ مُدَّعٍ مَا ثَبَتَ شَيْءٌ مِنَ الْعِبَادَاتِ وَجَلَّ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَنْ يُخَاطِبَ إِلَّا بِمَا تَفْهَمُهُ الْعَرَبُ مِنْ مَعْهُودِ مُخَاطِبَاتِهَا مِمَّا يَصِحُّ مَعْنَاهُ عِنْدَ السَّامِعِينَ. وَالِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ فِي اللُّغَةِ وَهُوَ الْعُلُوُّ وَالِارْتِفَاعُ وَالتَّمَكُّنُ فِي الشَّيْءِ.

وَمِنَ الْحُجَّةِ أَيْضًا فِي أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ أَنَّ الْمُوَحِّدِينَ أَجْمَعِينَ إِذَا كَرَبَهُمْ أَمْرٌ رَفَعُوا وُجُوهَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ يَسْتَغِيثُونَ اللَّهَ رَبَّهُمْ «وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِلْأَمَةِ الَّتِي أَرَادَ مَوْلَاهَا عِتْقَهَا: أَيْنَ اللَّهُ؟ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ لَهَا: مَنْ أَنَا؟ قَالَتْ: " أَنْتَ " رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» . فَاكْتَفَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا بِرَفْعِ رَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ. فَدَلَّ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ، وَالْعَرْشُ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَدَلِيلُ قَوْلِنَا أَيْضًا قَوْلُ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ فِي وَصْفِ الْمَلَائِكَةِ:

وَسَاجِدُهُمْ لَا يَرْفَعُ الدَّهْرَ رَأْسَهُ ... يُعَظِّمُ رَبًّا فَوْقَهُ وَيُمَجِّدُ فَسُبْحَانَ

مَنْ لَا يُقَدِّرُ الْخَلْقُ قَدْرَهُ ... وَمَنْ هُوَ فَوْقَ الْعَرْشِ فَرْدٌ مُوَحَّدُ مَلِيكٌ

عَلَى عَرْشِ السَّمَاءِ مُهَيْمِنٌ ... لِعِزَّتِهِ تَعْنُوا الْوُجُوهُ وَتَسْجُدُ

<<  <   >  >>