للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَقَلْنَا وَأَدْرَكْنَا بِحَوَاسِّنَا أَنَّ لَنَا أَرْوَاحًا فِي أَبْدَانِنَا وَلَا نَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ ذَلِكَ وَلَيْسَ جَهْلُنَا بِكَيْفِيَّةِ الْأَرْوَاحِ يُوجِبُ أَنْ لَيْسَ لَنَا أَرْوَاحٌ وَكَذَلِكَ لَيْسَ جَهْلُنَا بِكَيْفِيَّتِهِ عَلَى عَرْشِهِ يُوجِبُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى عَرْشِهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ قَالَ كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ» . قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْعَمَاءُ: مَمْدُودٌ وَهُوَ السَّحَابُ، وَالْعَمَى مَقْصُورٌ: الظُّلْمَةُ، وَقَدْ رُوِيَ الْحَدِيثُ بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ فَمَنْ رَوَاهُ بِالْمَدِّ فَمَعْنَاهُ عِنْدَهُ كَانَ فِي عَمَاءِ سَحَابٍ مَا تَحْتَهُ وَمَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ وَالْهَاءُ رَاجِعَةٌ عَلَى الْعَمَاءِ وَمَنْ رَوَاهُ بِالْقَصْرِ فَمَعْنَاهُ عِنْدَهُ كَانَ فِي عَمَى عَنْ خَلْقِهِ لِأَنَّهُ مِنْ عَمِيَ عَنْ شَيْءٍ فَقَدْ أَظْلَمَ عَنْهُ. قَالَ سُنَيْدٌ بِسَنَدِهِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: إِنَّ بَيْنَ الْعَرْشِ وَبَيْنَ الْمَلَائِكَةِ لَسَبْعِينَ حِجَابًا مِنْ نُورٍ وَحِجَابًا مِنْ ظُلْمَةٍ، وَرَوَى أَيْضًا سُنَيْدٌ بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَمَا بَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَى الْأُخْرَى مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى الْكُرْسِيِّ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، " وَمَا بَيْنَ الْكُرْسِيِّ إِلَى الْمَاءِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ "، وَالْعَرْشُ عَلَى الْمَاءِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ وَيَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيْضًا: إِنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْمَالِكُمْ. قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: يُرِيدُ فَوْقَ الْعَرْشِ، لِأَنَّ الْعَرْشَ آخِرُ الْمَخْلُوقَاتِ لَيْسَ فَوْقَهُ مَخْلُوقٌ وَاللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمَخْلُوقَاتِ دُونَ تَكْيِيفٍ وَلَا مُمَاسَّةٍ وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا مَرْفُوعًا إِلَّا حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنِ الْأَحْنَفِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبَدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَى سَحَابَةٍ فَقَالَ مَا تُسَمُّونَ هَذِهِ؟ قَالُوا: السَّحَابُ، قَالَ: وَالْمُزْنُ. قَالُوا: وَالْمُزْنُ. قَالَ: وَالْعَنَانُ. قَالُوا: وَالْعَنَانُ قَالَ: كَمْ تَرَوْنَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ؟ قَالُوا لَا نَدْرِي، قَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ إِمَّا وَاحِدٌ أَوِ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً وَالسَّمَاءُ فَوْقَهَا كَذَلِكَ بَيْنَهُمَا مِثْلُ ذَلِكَ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ثُمَّ فَوْقَ السَّمَاءِ

<<  <   >  >>