للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْأَنْصَارِيِّ يَقُولُ: حَضَرْتُ مَعَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عِنْدَ الْوَزِيرِ أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الطُّوسِيِّ - نِظَامِ الْمُلْكِ - وَكَانَ أَصْحَابُهُ كَلَّفُوهُ الْخُرُوجَ إِلَيْهِ وَذَلِكَ بَعْدَ الْمِحْنَةِ وَرُجُوعِهِ مِنْ بَلْخٍ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَكْرَمَهُ وَبَجَّلَهُ وَكَانَ فِي الْعَسْكَرِ أَئِمَّةٌ (مِنَ) الْفَرِيقَيْنِ فَاتَّفَقُوا جَمِيعًا عَلَى أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ بَيْنَ يَدَيِ الْوَزِيرِ يُعَنِّتُونَهُ بِهَا فَإِنْ أَجَابَ بِمَا يُجِيبُ بِهَرَاةَ سَقَطَ مِنْ عَيْنِ الْوَزِيرِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ سَقَطَ مِنْ عُيُونِ أَصْحَابِهِ وَأَهْلِ مَذْهَبِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ وَاسْتَقَرَّ بِهِ الْمَجْلِسُ انْتَدَبَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْجَمَاعَةِ فَقَالَ: يَأْذَنُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ فِي أَنْ أَسْأَلَ مَسْأَلَةً فَقَالَ: سَلْ، فَقَالَ: لِمَ تَلْعَنُ أَبَا الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيَّ؟ فَسَكَتَ وَأَطْرَقَ الْوَزِيرُ لِمَا عَلِمَ مِنْ جَوَابِهِ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَاعَةٍ قَالَ لَهُ الْوَزِيرُ: أَجِبْهُ فَقَالَ: أَنَا لَا أَلْعَنُ الْأَشْعَرِيَّ وَإِنَّمَا أَلْعَنُ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ وَأَنَّ الْقُرْآنَ فِي الْمُصْحَفِ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْيَوْمَ نَبِيٌّ ثُمَّ قَامَ وَانْصَرَفَ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ مِنْ هَيْبَتِهِ وَصَوْلَتِهِ وَصَلَابَتِهِ. فَقَالَ الْوَزِيرُ لِلسَّائِلِ وَمَنْ مَعَهُ: هَذَا أَرَدْتُمْ، كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّهُ يَذْكُرُ هَذَا بِهَرَاةَ فَاجْتَهَدْتُمْ حَتَّى سَمِعْنَاهُ بِآذَانِنَا وَمَا عَسَى أَنْ أَفْعَلَ بِهِ، ثُمَّ بَعَثَ خَلْفَهُ خِلَعًا وَصِلَةً فَلَمْ يَقْبَلْهَا وَخَرَجَ مِنْ فَوْرِهِ إِلَى هَرَاةَ. وَهَذَا الْقَوْلُ فِي النُّبُوَّةِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِ الْجَهْمِيَّةِ وَأَفْرَاخِهِمْ: أَنَّ الرُّوحَ عَرَضٌ مِنْ أَعْرَاضِ الْبَدَنِ كَالْحَيَاةِ وَصِفَاتِ الْحَيِّ مَشْرُوطَةٌ بِهَا فَإِذَا زَالَتْ بِالْمَوْتِ تَبِعَتْهَا صِفَاتُهُ فَزَالَتْ بِزَوَالِهَا، وَلَجَأَ مُتَأَخَّرُوهُمْ مِنْ هَذَا الْإِلْزَامِ وَفَرُّوا إِلَى الْقَوْلِ بِحَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فِي قُبُورِهِمْ فَجَعَلُوا لَهُمْ مَعَادًا يَخْتَصُّ بِهِمْ قَبْلَ الْمَعَادِ الْأَكْبَرِ إِذْ لَمْ

<<  <   >  >>