للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْحُلُولَ: وَيْحَكَ، هَذَا الْمَذْهَبُ أَنْزَهُ لِلَّهِ تَعَالَى مِنَ السُّوءِ أَمْ مَذْهَبُ مَنْ يَقُولُ هُوَ بِكَمَالِهِ وَجَمَالِهِ وَعَظَمَتِهِ وَبَهَائِهِ فَوْقَ عَرْشِهِ، فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ، وَفَوْقَ جَمِيعِ الْخَلَائِقِ فِي أَعْلَى مَكَانٍ وَأَظْهَرِ مَكَانٍ حَيْثُ لَا خَلْقَ هُنَاكَ (مِنْ) إِنْسٍ وَلَا جَانٍّ. . . فَأَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَعْلَمُ بِاللَّهِ وَبِمَكَانِهِ وَأَشَدُّ تَعْظِيمًا وَإِجْلَالًا لَهُ.

وَقَالَ فِي هَذَا الْكِتَابِ عِلْمُهُ بِهِمْ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ مُحِيطٌ، وَبَصَرُهُ فِيهِمْ نَافِذٌ، وَهُوَ بِكَمَالِهِ فَوْقَ عَرْشِهِ وَالسَّمَاوَاتِ، وَمَسَافَةُ مَا بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ فِي الْأَرْضِ، فَهُوَ كَذَلِكَ مَعَهُمْ رَابِعُهُمْ وَخَامِسُهُمْ وَسَادِسُهُمْ. . . وَإِنَّمَا يُعْرَفُ فَضْلُ الرُّبُوبِيَّةِ وَعِظَمُ الْقُدْرَةِ بِأَنَّ اللَّهَ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ وَمَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ يَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْضِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ الْكِتَابِ: وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ وَصِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ خَرَجَ مِنْهُ كَمَا شَاءَ أَنْ يَخْرُجَ وَاللَّهُ بِكَلَامِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَسُلْطَانِهِ وَجَمِيعِ صِفَاتِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَهُوَ بِكَمَالِهِ عَلَى عَرْشِهِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَدْ ذَكَرَ حَدِيثَ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الطَّوِيلَ فِي شَأْنِ الرُّوحِ وَقَبْضِهَا وَنَعِيمِهَا وَعَذَابِهَا، وَفِيهِ «فَيُصْعَدُ بِرُوحِهِ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا، - إِلَى أَنْ قَالَ - حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ» - وَذَكَرَ الْحَدِيثَ - ثُمَّ قَالَ: وَفِي قَوْلِهِ: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ} [الأعراف: ٤٠] دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَوْقَ السَّمَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فَوْقَ السَّمَاءِ لَمَا

<<  <   >  >>