مِنْهُمْ خَافِيَةٌ لِأَنَّهُ أَبَانَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ بِنَفْسِهِ فَوْقَ عِبَادِهِ ; لِأَنَّهُ قَالَ: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} [الملك: ١٦] يَعْنِي فَوْقَ الْعَرْشِ وَالْعَرْشُ عَلَى السَّمَاءِ لِأَنَّ مَنْ (قَدْ) كَانَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى السَّمَاءِ، فِي السَّمَاءِ وَقَدْ قَالَ: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: ٢] أَيْ عَلَى الْأَرْضِ لَا يُرِيدُ الدُّخُولَ فِي جَوْفِهَا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ} [المائدة: ٢٦] يَعْنِي: عَلَى الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: ٧١] يَعْنِي: فَوْقَهَا عَلَيْهَا، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: " فَبَيَّنَ " عُرُوجَ الْأَمْرِ وَعُرُوجَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ وَصَفَ وَقْتَ عُرُوجِهَا بِالِارْتِفَاعِ صَاعِدَةً إِلَيْهِ فَقَالَ: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: ٤] فَذَكَرَ صُعُودَهَا إِلَيْهِ وَوُصُولَهَا (بِقَوْلِهِ) إِلَيْهِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: اصْعَدْ إِلَى فُلَانٍ فِي لَيْلَةٍ أَوْ يَوْمٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ فِي الْعُلُوِّ وَأَنْ صُعُودَكَ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ فَإِذَا صَعِدُوا إِلَى الْعَرْشِ فَقَدْ صَعِدُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَرَوْهُ وَلَمْ يُسَاوُوهُ فِي الِارْتِفَاعِ فِي عُلُوِّهِ فَإِنَّهُمْ صَعِدُوا مِنَ الْأَرْضِ وَعَرَجُوا بِالْأَمْرِ إِلَى الْعُلُوِّ الَّذِي اللَّهُ تَعَالَى فَوْقَهُ، وَقَالَ تَعَالَى: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: ١٥٨] وَلَمْ يَقُلْ: عِنْدَهُ، وَقَالَ فِرْعَوْنُ: {يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ - أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [غافر: ٣٦ - ٣٧] ثُمَّ اسْتَأْنَفَ وَقَالَ: {وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: ٣٧] يَعْنِي: فِيمَا قَالَ أَنَّ إِلَهَهُ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ فَبَيَّنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ فِرْعَوْنَ ظَنَّ بِمُوسَى أَنَّهُ كَاذِبٌ فِيمَا قَالَ لَهُ، وَعَمَدَ إِلَى طَلَبِهِ، حَيْثُ قَالَ لَهُ مَعَ الظَّنِّ بِمُوسَى أَنَّهُ كَاذِبٌ وَلَوْ أَنَّ مُوسَى قَالَ إِنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ بِذَاتِهِ لَطَلَبَهُ فِي بَيْتِهِ أَوْ حُشِّهِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا " وَلَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute