للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن زكريا عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا حلف في الإسلام، وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة (١) » .

قال: فهذا يوجب بطلان حلف الإسلام ومنع التوارث به.

قيل له: يحتمل أن يريد به نفي الحلف في الإسلام على الوجه الذي كانوا يتحالفون عليه في الجاهلية؛ وذلك لأن حلف الجاهلية كان على أن يعاقده فيقول: هدمي هدمك، ودمي دمك وترثني وأرثك، وكان في هذا الحلف أشياء قد حظرها الإسلام وهو أنه كان يشرط أن يحامي عليه ويبذل دمه دونه ويهدم ما يهدمه فينصره على الحق والباطل، وقد أبطلت الشريعة هذا الحلف وأوجبت معونة المظلوم على الظالم حتى ينتصف منه، وأن لا يلتفت إلى قرابة ولا غيرها، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} (٢) فأمر الله تعالى بالعدل والقسط في الأجانب والأقارب، وأمر بالتسوية بين الجميع في حكم الله تعالى فأبطل ما كان عليه أمر الجاهلية من معونة القريب والحليف على غيره ظالما كان أو مظلوما وكذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما فكيف أنصره إذا كان ظالما، قال: أن ترده عن الظلم، فذلك معونة منك له (٣) » ، وكان في حلف الجاهلية أن يرثه الحليف دون أقربائه فنفى النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «لا حلف في


(١) صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٥٣٠) ، سنن أبو داود الفرائض (٢٩٢٥) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/٨٣) .
(٢) سورة النساء الآية ١٣٥
(٣) صحيح البخاري الإكراه (٦٩٥٢) ، سنن الترمذي الفتن (٢٢٥٥) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٩٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>