فقد كتب إلينا أن بعض المستمسكين بحبل الدين في جاوه قد استنكروا الفتوى المسئول عنها؛ لأنهم فهموا منها أن استحلال الربا في دار الحرب يفضي إلى استحلال سائر المعاصي؛ كالزنا واللواط والقتل وغير ذلك فيها أو مطلقا.
وهذا سوء فهم منهم، فإن الفتوى ليست في استحلال الربا مطلقا كما تقدم. ولا يخفى على أحد منهم أن حرمة سفك الدم بغير حق أشد من حرمة أخذ المال بغير حق، فهل يقيسون إذا إباحة قتل المحارب على إباحة قتل المسالم من مسلم وذمي ومعاهد؟ ولدار الحرب أحكام أخرى تخالف أحكام دار الإسلام منها: عدم إقامة الحدود فيها.
ونقول لهم من جهة أخرى: إذا أقام المسلم في غير دار الإسلام فهل يدعون أن الله تعالى يأمره بأن يدفع إلى أهلها كل ما يوجبه عليه قانون حكومتها من مال الربا وغيره، ولا مندوحة له عن ذلك، ويحرم عليه أن يأخذ منهم ما يعطونه إياه بحكم ذلك القانون من ربا وغيره برضاهم واختيارهم؟ أعني: هل يعتقدون أن الله تعالى يوجب على المسلم أن يكون عليه الغرم من حيث يكون لغيره الغنم، أي: يوجب عليه أن يكون مظلوما مغبونا؟
إن تحريم الربا من الأحكام المعلولة المعنى لا من التعبديات، وما حرم الله تعالى شيئا إلا لضرورة على عباده الخاضعين لشرعه، وقد علل تحريم الربا في نص القرآن بأنه ظلم من حيث إنه استغلال لضرورة الفقير الذي لا يجد قوته أو ضرورته إلا بالاقتراض. والقرآن إنما حرم الربا الذي كان معهودا بين الناس في الجاهلية، وهو الربا المضاعف كما تراه في [تفسير