وكذلك أيضا قراءة عاصم من الطريق المذكور في (الأنبياء)(قال رب احكم بالحق)(١١٢) بالألف، ولا رواية عندنا كذلك أن ذلك مرسوم في شيء من المصاحف في نظائر لذلك كثيرة ترد عن أئمة القراءة، بخلاف مرسوم مصحفهم، وإنما بينت هذا الفصل ونبهت عليه؛ لأني رأيت بعض من أشار إلى جمع شيء من هجاء المصاحف من منتحلي القراءة من أهل عصرنا قد قصد هذا المعنى وجعله أصلا، فأضاف بذلك ما قرأ به كل واحد من الأئمة من الزيادة والنقصان في الحروف المتقدمة وغيرها إلى مصاحف أهل بلده وذلك من الخطأ الذي يقود إليه إهمال الرواية وإفراط الغباوة وقلة التحصيل، إذ غير جائز القطع على كيفية ذلك إلا بخبر منقول عن الأئمة السالفين رواية صحيحة عن العلماء المختصين بعلم ذلك المؤتمنين على نقله وإيراده لما بيناه من الدلالة. وبالله التوفيق.
قال أبو عمرو: فإن سأل سائل عن السبب الموجب لاختلاف مرسوم هذه الحروف الزوائد في المصاحف قلت: السبب في ذلك عندنا أن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه لما جمع القرآن في المصاحف ونسخها على صورة واحدة وآثر في رسمها لغة قريش دون غيرها مما لا يصح ولا يثبت نظرا للأمة واحتياطا على أهل الملة، وثبت عنده أن هذه الحروف من عند الله عز وجل كذلك منزلة، ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسموعة، وعلم أن جمعها في مصحف واحد على تلك الحال غير ممكن إلا بإعادة الكلمة مرتين وفي رسم ذلك، كذلك من التخليط والتغيير للمرسوم ما لا خفاء به ففرقها في المصاحف لذلك، فجاءت مثبتة في بعضها، ومحذوفة في بعضها لكي