حجة، فوجب أن نبين البرهان على صحة قولنا بعون الله تعالى وقوته.
قال علي: أما الإقامة في الجهاد والحج والعمرة فإن الله تعالى لم يجعل القصر إلا مع الضرب في الأرض. ولم يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم القصر إلا مع السفر لا مع الإقامة، وبالضرورة ندري أن حال السفر غير حال الإقامة، وأن السفر إنما هو التنقل في غير دار الإقامة، وأن الإقامة هي السكون وترك النقلة والتنقل في دار الإقامة. هذا حكم الشريعة والطبيعة معا.
فإن ذلك كذلك، فالمقيم في مكان واحد مقيم غير مسافر بلا شك، فلا يجوز أن يخرج عن حال الإقامة وحكمها في الصيام والإتمام إلا بنص، وقد صح بإجماع أهل النقل أن «رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل في حال سفره فأقام باقي نهاره وليلته ثم رحل في اليوم الثاني، وأنه عليه الصلاة والسلام قصر في باقي يومه ذلك وفي ليلته التي بين يومي نقلته،» فخرجت هذه الإقامة عن حكم الإقامة في الإتمام والصيام، ولولا ذلك لكان مقيم ساعة له حكم الإقامة. كذلك من ورد على ضيعة له أو ماشية أو عقار فنزل هنالك فهو مقيم، فله حكم الإقامة كما قال ابن عباس، إذ لم نجد نصا في مثل هذه الحال ينقلها عن حكم الإقامة وهو أيضا قول الزهري وأحمد بن حنبل.
ولم نجد عنه عليه السلام أنه أقام يوما وليلة لم يرحل فيهما فقصر وأفطر إلا في الحج والعمرة والجهاد فقط، فوجب بذلك ما ذكرنا من أن من أقام في خلال سفره يوما وليلة لم يظعن في أحدهما فإنه يتم ويصوم، وكذلك من مشى ليلا وينزل نهارا فإنه يقصر باقي ليلته ويومه الذي بين ليلتي حركته، وهذا قول روي عن ربيعة.