للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

» خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي.

وَقَالَ «عمر» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ مَعَ أَهْلِهِ مِثْلَ الصَّبِيِّ» .

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لجابر» هَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ وَوَصَفَتْ أَعْرَابِيَّةٌ زَوْجَهَا وَقَدْ مَاتَ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ ضَحُوكًا إِذَا وَلَجَ، سِكِّيتًا إِذَا خَرَجَ، آكِلًا مَا وَجَدَ، غَيْرَ سَائِلٍ عَمَّا فَقَدَ.

الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَنْبَسِطَ فِي الدُّعَابَةِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ وَالْمُوَافَقَةِ بِاتِّبَاعِ هَوَاهَا إِلَى حَدٍّ يُفْسِدُ خُلُقَهَا وَيُسْقِطُ بِالْكُلِّيَّةِ هَيْبَتَهُ عِنْدَهَا بَلْ يُرَاعِي الِاعْتِدَالَ فِيهِ، فَلَا يَدَعُ الْهَيْبَةَ وَالِانْقِبَاضَ مَهْمَا رَأَى مُنْكَرًا، وَلَا يَفْتَحُ بَابَ الْمُسَاعَدَةِ عَلَى الْمُنْكَرَاتِ الْبَتَّةَ، بَلْ مَهْمَا رَأَى مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ وَالْمُرُوءَةَ تَنَمَّرَ وَامْتَعَضَ، فَبِالْعَدْلِ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، فَكُلُّ مَا جَاوَزَ حَدَّهُ انْعَكَسَ عَلَى ضِدِّهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْلُكَ سَبِيلَ الِاقْتِصَادِ فِي الْمُخَالَفَةِ وَالْمُوَافَقَةِ وَيَتَتَبَّعَ الْحَقَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِيَسْلَمَ مِنْ شَرِّهِنَّ، فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِنَّ سُوءُ الْخُلُقِ وَلَا يَعْتَدِلُ ذَلِكَ مِنْهُنَّ إِلَّا بِنَوْعِ لُطْفٍ مَمْزُوجٍ بِسِيَاسَةٍ. وَعَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَخْلَاقِهَا أَوَّلًا بِالتَّجْرِبَةِ ثُمَّ لِيُعَامِلْهَا بِمَا يُصْلِحُهَا كَمَا يَقْضِيهِ حَالُهَا.

الْخَامِسُ: الِاعْتِدَالُ فِي الْغَيْرَةِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَتَغَافَلَ عَنْ مَبَادِئِ الْأُمُورِ الَّتِي تُخْشَى غَوَائِلُهَا، وَلَا يُبَالِغَ فِي إِسَاءَةِ الظَّنِّ وَالتَّعَنُّتِ وَتَجَسُّسِ الْبَوَاطِنِ، فَقَدَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُتَّبَعَ عَوْرَاتُ النِّسَاءِ، وَفِي رِوَايَةٍ أَنْ تُبْغَتَ النِّسَاءُ.

وَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرِهِ قَالَ قَبْلَ دُخُولِ الْمَدِينَةِ: لَا تَطْرُقُوا النِّسَاءَ لَيْلًا فَخَالَفَهُ رَجُلَانِ فَسَبَقَا فَرَأَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَنْزِلِهِ مَا يَكْرَهُ.

وَفِي الْحَدِيثِ: إِنَّ مِنَ الْغَيْرَةِ غَيْرَةً يُبْغِضُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهِيَ: غَيْرَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ الَّذِي نُهِينَا عَنْهُ.

وَأَمَّا الْغَيْرَةُ فِي مَحَلِّهَا فَلَا بُدَّ مِنْهَا وَهِيَ مَحْمُودَةٌ وَذَلِكَ فِي الرِّيبَةِ.

وَكَانَ قَدْ أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ فِي حُضُورِ الْمَسْجِدِ سِيَّمَا فِي الْعِيدَيْنِ، فَالْخُرُوجُ لِلْمَسْجِدِ مُبَاحٌ لِلْمَرْأَةِ الْعَفِيفَةِ مُبَاحٌ بِرِضَاءِ زَوْجِهَا وَلَكِنَّ الْقُعُودَ أَسْلَمُ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَخْرُجَ إِلَّا لِمُهِمٍّ فَإِنَّ الْخُرُوجَ لِلنِّظَارَاتِ وَالْأُمُورِ الَّتِي لَيْسَتْ مُهِمَّةً تَقْدَحُ فِي الْمُرُوءَةِ وَرُبَّمَا تُفْضِي إِلَى الْفَسَادِ.

فَإِذَا خَرَجَتْ فَيَنْبَغِي أَنْ تَغُضَّ بَصَرَهَا عَنِ الرِّجَالِ.

وَلَسْنَا نَقُولُ إِنَّ وَجْهَ الرَّجُلِ فِي حَقِّهَا عَوْرَةٌ كَوَجْهِ الْمَرْأَةِ فِي حَقِّهِ بَلْ هُوَ كَوَجْهِ الصَّبِيِّ الْأَمْرَدِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ فَيَحْرُمُ النَّظَرُ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فَقَطْ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ فَلَا، إِذْ لَمْ يَزَلِ الرِّجَالُ عَلَى مَمَرِّ الزَّمَانِ مَكْشُوفِي الْوُجُوهِ، وَالنِّسَاءُ يَخْرُجْنَ مُتَنَقِّبَاتٍ، وَلَوْ كَانَ وُجُوهُ الرِّجَالِ عَوْرَةً فِي حَقِّ النِّسَاءِ لَأُمِرُوا بِالتَّنْقِيبِ أَوْ مُنِعْنَ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ.

السَّادِسُ: الِاعْتِدَالُ فِي النَّفَقَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَتِّرَ عَلَيْهِنَّ فِي الْإِنْفَاقِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْرِفَ بَلْ يَقْتَصِدَ، قَالَ تَعَالَى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا) [الْأَعْرَافِ: ٣١] .

قَالَ «ابْنُ

<<  <   >  >>