إِعْجَابِكَ بِوَلَدِكَ وَلَا شِعْرِكَ وَلَا تَصْنِيفِكَ وَسَائِرِ مَا يَخُصُّكَ، وَلَا تَتَصَنَّعْ تَصَنُّعَ الْمَرْأَةِ فِي التَّزَيُّنِ، وَلَا تَتَبَذَّلْ تَبَذُّلَ الْعَبْدِ، وَلَا تُلِحَّ فِي الْحَاجَاتِ، وَلَا تُشَجِّعْ أَحَدًا عَلَى الظُّلْمِ، وَلَا تُعْلِمْ أَهْلَكَ وَوَلَدَكَ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ مِقْدَارَ مَالِكَ؛ فَإِنَّهُمْ إِنْ رَأَوْهُ قَلِيلًا هُنْتَ عِنْدَهُمْ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ تَبْلُغْ قَطُّ رِضَاهُمْ، وَخَوِّفْهُمْ مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ، وَلِنْ لَهُمْ مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ، وَإِذَا خَاصَمْتَ فَتَوَقَّرْ وَتَحَفَّظْ مِنْ جَهْلِكَ، وَتَجَنَّبْ عَجَلَتَكَ وَتَفَكَّرْ فِي حُجَّتِكَ، وَلَا تُكْثِرِ الْإِشَارَةَ بِيَدِكَ، وَلَا تُكْثِرِ الِالْتِفَاتَ إِلَى مَنْ وَرَاءَكَ، وَإِذَا هَدَأَ غَيْظُكَ فَتَكَلَّمْ، وَلَا تَجْعَلْ مَالَكَ أَكْرَمَ مِنْ عِرْضِكَ. وَإِنْ دَخَلْتَ مَجْلِسًا فَالْأَدَبُ فِيهِ الْبِدَايَةُ بِالتَّسْلِيمِ وَتَرْكُ التَّخَطِّي لِمَنْ سَبَقَ، وَالْجُلُوسُ حَيْثُ اتَّسَعَ وَحَيْثُ يَكُونُ أَقْرَبَ إِلَى التَّوَاضُعِ، وَأَنْ تُحَيِّيَ بِالسَّلَامِ مَنْ قَرُبَ مِنْكَ عِنْدَ الْجُلُوسِ، وَلَا تَجْلِسْ عَلَى الطَّرِيقِ، فَإِنْ جَلَسْتَ فَأَدَبُهُ: غَضُّ الْبَصَرِ، وَنُصْرَةُ الْمَظْلُومِ، وَإِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ، وَعَوْنُ الضَّعِيفِ، وَإِرْشَادُ الضَّالِّ، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَإِعْطَاءُ السَّائِلِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَالِارْتِيَادُ لِمَوْضِعِ الْبُصَاقِ، وَلَا تَبْصُقْ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُمَازِحَ لَبِيبًا أَوْ غَيْرَ لَبِيبٍ، فَإِنَّ اللَّبِيبَ يَحْقِدُ عَلَيْكَ وَالسَّفِيهَ يَجْتَرِئُ عَلَيْكَ. وَمَنْ بُلِيَ فِي مَجْلِسٍ بِمِزَاحٍ أَوْ لَغَطٍ فَلْيَذْكُرِ اللَّهَ عَنْ قِيَامِهِ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ إِلَّا غُفِرَ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ» .
بَيَانُ حَقِّ الْمُسْلِمِ وَالرَّحِمِ وَالْجِوَارِ
اعْلَمْ أَنَّ الْإِنْسَانَ لِحَاجَتِهِ لِمُخَالَطَتِهِ مَنْ هُوَ مِنْ جِنْسِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ تَعَلُّمِ آدَابِ الْمُخَالَطَةِ، وَكُلُّ مُخَالِطٍ فَفِي مُخَالَطَتِهِ أَدَبٌ، وَالْأَدَبُ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ، وَحَقُّهُ عَلَى قَدْرِ رَابِطَتِهِ: إِمَّا الْقَرَابَةُ وَهِيَ أَخَصُّهَا أَوْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَعَمُّهَا - وَيَنْطَوِي فِي مَعْنَى الْأُخُوَّةِ الصَّدَاقَةُ وَالصُّحْبَةُ - وَإِمَّا الْجِوَارُ وَإِمَّا صُحْبَةُ السَّفَرِ وَالْمَكْتَبِ وَالدَّرْسِ وَالصَّدَاقَةِ أَوِ الْأُخُوَّةِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الرَّوَابِطِ دَرَجَاتٌ: فَالْقَرَابَةُ لَهَا حَقٌّ وَلَكِنَّ حَقَّ الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ آكَدُ، وَلِلْمَحْرَمِ حَقٌّ وَلَكِنَّ حَقَّ الْوَالِدَيْنِ آكَدُ، وَكَذَلِكَ حَقُّ الْجَارِ، وَلَكِنْ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ قُرْبِهِ مِنَ الدَّارِ وَبُعْدِهِ. وَيَظْهَرُ التَّفَاوُتُ عِنْدَ النِّسْبَةِ، حَتَّى إِنَّ الْبَلَدِيَّ فِي بِلَادِ الْغُرْبَةِ يَجْرِي مَجْرَى الْقَرِيبِ فِي الْوَطَنِ لِاخْتِصَاصِهِ بِحَقِّ الْجِوَارِ فِي الْبَلَدِ، وَكَذَلِكَ حَقُّ الْمُسْلِمِ يَتَأَكَّدُ بِتَأَكُّدِ الْمَعْرِفَةِ وَالِاخْتِلَاطِ.
حُقُوقُ الْمُسْلِمِ:
هِيَ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيتَهُ، وَتُجِيبَهُ إِذَا دَعَاكَ، وَتُشَمِّتَهُ إِذَا عَطَسَ، وَتَعُودَهُ إِذَا مَرِضَ، وَتَشْهَدَ جِنَازَتَهُ إِذَا مَاتَ، وَتَبَرَّ قَسَمَهُ إِذَا أَقْسَمَ عَلَيْكَ، وَتَنْصَحَ لَهُ إِذَا اسْتَنْصَحَكَ، وَتَحْفَظَهُ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِذَا غَابَ عَنْكَ. وَمِنْهَا أَنْ تُحِبَّ لَهُ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَتَكْرَهَ لَهُ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute