للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ آدَابِ النِّكَاحِ

(التَّرْغِيبُ فِيهِ)

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ) [النُّورِ: ٣٢] وَهَذَا أَمْرٌ، وَقَالَ تَعَالَى: (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ) [الْبَقَرَةِ: ٢٣٢] وَهَذَا مَنْعٌ مِنَ الْعَضْلِ وَنَهْيٌ عَنْهُ، وَقَالَ تَعَالَى فِي وَصْفِ الرُّسُلِ وَمَدْحِهِمْ: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً) [الرَّعْدِ: ٣٨] فَذَكَرَ ذَلِكَ فِي مَعْرِضِ الِامْتِنَانِ وَإِظْهَارِ الْفَضْلِ، وَمَدَحَ أَوْلِيَاءَهُ بِسُؤَالِ ذَلِكَ فِي الدُّعَاءِ فَقَالَ: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) [الْفُرْقَانِ: ٧٤] الْآيَةَ.

وَأَمَّا الْأَخْبَارُ: فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: النِّكَاحُ سُنَّتِي فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَقَدْ رَغِبَ عَنِّي، وَقَالَ: مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ. هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَبَبَ التَّرْغِيبِ فِيهِ خَوْفُ الْفَسَادِ فِي الْعَيْنِ وَالْفَرْجِ.

وَالْوِجَاءُ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ رَضِّ الْخُصْيَتَيْنِ لِلْفَحْلِ حَتَّى تَزُولَ فُحُولَتُهُ فَهُوَ مُسْتَعَارٌ لِلضَّعْفِ عَنِ الْوِقَاعِ بِالصَّوْمِ.

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَأَمَانَتَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ، وَهَذَا أَيْضًا تَعْلِيلُ التَّرْغِيبِ لِخَوْفِ الْفَسَادِ.

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يَنْقَطِعُ إِلَّا ثَلَاثًا وَلَدًا صَالِحًا يَدْعُو لَهُ. الْحَدِيثَ وَلَا يُوصَلُ إِلَى هَذَا إِلَّا بِالنِّكَاحِ.

وَأَمَّا الْآثَارُ: فَقَالَ: «ابْنُ عَبَّاسٍ» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَا يَتِمُّ نُسُكُ النَّاسِكِ حَتَّى يَتَزَوَّجَ» يَحْتَمِلُ أَنَّهُ جَعَلَهُ مِنَ النُّسُكِ أَوْ تَتِمَّةً لَهُ أَوْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ قَلْبُهُ لِغَلَبَةِ الشَّهْوَةِ إِلَّا بِالتَّزَوُّجِ وَلَا يَتِمُّ النُّسُكُ إِلَّا بِفَرَاغِ الْقَلْبِ، وَكَانَ يَجْمَعُ غِلْمَانَهُ لَمَّا أَدْرَكُوا وَيَقُولُ: «إِنْ أَرَدْتُمُ النِّكَاحَ أَنْكَحْتُكُمْ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا زَنَى نُزِعَ الْإِيمَانُ مِنْ قَلْبِهِ» .

وَأَمَّا فَوَائِدُ النِّكَاحِ:

فَخَمْسَةٌ: الْوَلَدُ، وَكَسْرُ الشَّهْوَةِ، وَتَدْبِيرُ الْمَنْزِلِ، وَكَثْرَةُ الْعَشِيرَةِ، وَمُجَاهَدَةُ النَّفْسِ بِالْقِيَامِ بِهِنَّ.

<<  <   >  >>