للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَدْ سُجِّرَتْ، وَالنُّفُوسَ إِلَى الْأَبْدَانِ قَدْ زُوِّجَتْ، وَالْجَحِيمَ قَدْ سُعِّرَتْ، وَالْجَنَّةَ قَدْ أُزْلِفَتْ [الشُّعَرَاءِ: ٩٠، ق: ٣١، التَّكْوِيرِ: ١٣] . وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ بَعْضَ دَوَاهِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَكْثَرَ مِنْ أَسَامِيهِ لِتَقِفَ بِكَثْرَةِ أَسَامِيهِ عَلَى كَثْرَةِ مَعَانِيهِ، فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ بِكَثْرَةِ الْأَسَامِي تَكْرِيرَ الْأَسَامِي وَالْأَلْقَابِ، بَلِ الْغَرَضُ تَنْبِيهُ أُولِي الْأَلْبَابِ، فَتَحْتَ كُلِّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ الْقِيَامَةِ سِرٌّ، وَفِي كُلِّ نَعْتٍ مِنْ نُعُوتِهَا مَعْنًى، فَاحْرِصْ عَلَى مَعْرِفَةِ مَعَانِيهَا. فَمِنْ أَسَامِيهَا: " يَوْمُ الْقِيَامَةِ "، " وَيَوْمُ الْحَسْرَةِ " [مَرْيَمَ: ٣٩] " وَيَوْمُ النَّدَامَةِ [يُونُسَ: ٥٤ وَسَبَأٍ: ٣٣] ، " وَيَوْمُ الْمُحَاسَبَةِ " [ص: ٢٦ وَ ٥٣] ، " وَيَوْمُ الزَّلْزَلَةِ " [الْحَجِّ: ١ وَالزَّلْزَلَةِ: ١] ، " وَيَوْمُ الصَّاعِقَةِ " [الطُّورِ: ٤٥ وَالزُّمَرِ: ٦٨] ، " وَيَوْمُ الْوَاقِعَةِ " [الْوَاقِعَةِ: ١ وَالْحَاقَّةِ: ١٣ وَ ١٥] ، " وَيَوْمُ الْقَارِعَةِ " [الْقَارِعَةِ: ١، وَالْحَاقَّةِ: ٤] ، " وَيَوْمُ الْغَاشِيَةِ " [الْغَاشِيَةِ: ١] ، " وَيَوْمُ الرَّاجِفَةِ " [النَّازِعَاتِ: ٦] ، " وَيَوْمُ الْحَاقَّةِ " [الْحَاقَّةِ: ١ وَ ٢] ، " وَيَوْمُ الطَّامَّةِ " [النَّازِعَاتِ: ٣٤] ، " وَيَوْمُ الصَّاخَّةِ " [عَبَسَ: ٣٣] ، " وَيَوْمُ التَّلَاقِ " [غَافِرٍ: ١٥] ، " وَيَوْمُ التَّنَادِ " [غَافِرٍ: ٣٢] ، " وَيَوْمُ الْجَزَاءِ " [غَافِرٍ: ١٧] ، " وَيَوْمُ الْوَعِيدِ " [ق: ٢٠] ، " وَيَوْمُ الْعَرْضِ " [الْكَهْفِ: ٤٨] ، " وَيَوْمُ الْوَزْنِ " [الْأَعْرَافِ: ٨ وَ ٩] ، " وَيَوْمُ الْفَصْلِ " [الصَّافَّاتِ: ٢١ وَالنَّبَأِ: ١٧ وَالْمُرْسَلَاتِ: ٣٨] ، " وَيَوْمُ الْجَمْعِ " [الشُّورَى: ٧] ، " وَيَوْمُ الْبَعْثِ " [الرُّومِ: ٥٦] ، " وَيَوْمُ الْخِزْيِ " [آلِ عِمْرَانَ: ١٩٢ وَالنَّحْلِ: ٢٧] ، " وَيَوْمٌ عَسِيرٌ " [الْفُرْقَانِ: ٢٦ وَالْمُدَّثِّرِ: ٩] ، " وَيَوْمُ الدِّينِ " [الْحِجْرِ: ٣٥ وَالصَّافَّاتِ: ٢٠] ، " وَيَوْمُ النُّشُورِ " [الْمُلْكِ: ١٥ وَالْقَمَرِ: ٧] ، " وَيَوْمُ الْخُلُودِ " [ق: ٣٤] ، " وَيَوْمٌ لَا رَيْبَ فِيهِ " [آلِ عِمْرَانَ: ٩ وَالنِّسَاءِ: ٨٧] ، " وَيَوْمٌ لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا " [الْبَقَرَةِ: ٤٨، ١٢٣] ، " وَيَوْمٌ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ " [إِبْرَاهِيمَ: ٤٢] ، وَ (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ) [عَبَسَ: ٣٤ - ٣٦] (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشُّعَرَاءِ: ٨٨، ٨٩] .

فَالْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْلِ لِلْغَافِلِينَ، يُرْسِلُ اللَّهُ لَنَا سَيِّدَ الْمُرْسَلِينَ، وَيُنَزِّلُ عَلَيْهِ الْكِتَابَ الْمُبِينَ، وَيُخْبِرُنَا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ مَنْ نُعُوتِ يَوْمِ الدِّينِ، ثُمَّ يُعَرِّفُنَا غَفْلَتَنَا وَيَقُولُ: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) [الْأَنْبِيَاءِ: ١ - ٣] ثُمَّ يُعَرِّفُنَا قُرْبَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) [الْقَمَرِ: ١] (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا) [الْمَعَارِجِ: ٦ وَ ٧] (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا) [الْأَحْزَابِ: ٦٣] ثُمَّ يَكُونُ أَحْسَنُ أَحْوَالِنَا أَنَّ نَتَّخِذَ دِرَاسَةَ هَذَا الْقُرْآنِ عَمَلًا فَلَا نَتَدَبَّرَ مَعَانِيَهُ، وَلَا نَنْظُرَ فِي كَثْرَةِ أَوْصَافِ هَذَا الْيَوْمِ وَأَسَامِيهِ، وَلَا نَسْتَعِدَّ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ دَوَاهِيهِ.

فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْغَفْلَةِ إِنْ لَمْ يَتَدَارَكْنَا اللَّهُ بِوَاسِعِ رَحْمَتِهِ.

صِفَةُ السُّؤَالِ

ثُمَّ تَفَكَّرْ يَا مِسْكِينُ بَعْدَ هَذِهِ الْأَحْوَالِ فِيمَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْكَ مِنَ السُّؤَالِ شِفَاهًا مِنْ غَيْرِ تُرْجُمَانٍ، فَتُسْأَلُ عَنِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَالنَّقِيرِ وَالْقِطْمِيرِ، فَبَيْنَا أَنْتَ فِي كُرَبِ الْقِيَامَةِ وَعَرَقِهَا وَشَدَّةِ

<<  <   >  >>