بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ " وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الدِّينُ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَهُوَ أَنْ لَا تَغْضَبَ "، وَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الشُّؤْمُ؟ قَالَ: " سُوءُ الْخُلُقِ " وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ " وَقِيلَ لَهُ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلَانَةَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ وَهِيَ سَيِّئَةُ الْخُلُقِ تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ". قَالَ: " لَا خَيْرَ فِيهَا هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ " وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ اللَّهَ اسْتَخْلَصَ هَذَا الدِّينَ لِنَفْسِهِ وَلَا يَصْلُحُ لِدِينِكُمْ إِلَّا السَّخَاءُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ، أَلَا فَزَيِّنُوا دِينَكُمْ بِهِمَا " وَقِيلَ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُهُمْ إِيمَانًا "؟ قَالَ: " أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا " وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّكُمْ لَنْ تَسَعُوا النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ فَسَعُوهُمْ بِبَسْطِ الْوَجْهِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ " وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " يَا أَبَا ذَرٍّ، لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ، وَلَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ " وَعَنِ الحسن: " مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ عَذَّبَ نَفْسَهُ " وَقَالَ " وهب ": " مَثَلُ السَّيِّئِ الْخُلُقِ كَمَثَلِ الْفَخَّارَةِ الْمَكْسُورَةِ لَا تُرَقَّعُ وَلَا تُعَادُ طِينًا " وَقَالَ " الفضيل ": لَأَنْ يَصْحَبَنِي فَاجِرٌ حَسَنُ الْخُلُقِ أَحَبُّ مِنْ أَنْ يَصْحَبَنِي عَابِدٌ سَيِّئُ الْخُلُقِ ".
مَا قَالَهُ السَّلَفُ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ وَشَرْحِ مَاهِيَّتِهِ:
اعْلَمْ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَالثَّمَرَةِ وَالْغَايَةِ، مِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ «الحسن» رَحِمَهُ اللَّهُ: «حُسْنُ الْخُلُقِ بَسْطُ الْوَجْهِ وَبَذْلُ النَّدَى وَكَفُّ الْأَذَى» ، وَقَالَ «الواسطي» : «وَهُوَ أَنْ لَا يُخَاصِمَ وَلَا يُخَاصَمَ مِنْ شِدَّةِ مَعْرِفَتِهِ بِاللَّهِ تَعَالَى» . وَقَالَ أَيْضًا: «هُوَ إِرْضَاءُ الْخَلْقِ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ» . وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِنْ ثَمَرَاتِ حُسْنِ الْخُلُقِ.
وَأَمَّا حَقِيقَةُ الْخُلُقِ فَهِيَ هَيْئَةٌ فِي النَّفْسِ رَاسِخَةٌ عَنْهَا تُصْدِرُ الْأَفْعَالَ بِسُهُولَةٍ وَيُسْرٍ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى فِكْرٍ وَرَوِيَّةٍ، فَإِنْ كَانَتِ الْهَيْئَةُ بِحَيْثُ تَصْدُرُ عَنْهَا الْأَفْعَالُ الْجَمِيلَةُ الْمَحْمُودَةُ عَقْلًا وَشَرْعًا سُمِّيَتْ تِلْكَ الْهَيْئَةُ خُلُقًا حَسَنًا، وَإِنْ كَانَ الصَّادِرُ عَنْهَا الْأَفْعَالَ الْقَبِيحَةَ سُمِّيَتِ الْهَيْئَةُ الَّتِي هِيَ الْمَصْدَرُ خُلُقًا سَيِّئًا. وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهَا هَيْئَةٌ رَاسِخَةٌ لِأَنَّ مَنْ يَصْدُرُ عَنْهُ بَذْلُ الْمَالِ عَلَى النُّدُورِ لِحَاجَةٍ عَارِضَةٍ لَا يُقَالُ خُلُقُهُ السَّخَاءُ مَا لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute