للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثَالِثُهَا] : أَنْ يُرَاعِيَ الْإِمَامُ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ فَيُصَلِّي فِي أَوَائِلِهَا لِيُدْرِكَ رِضْوَانَ اللَّهِ تَعَالَى، فَفَضْلُ أَوَّلِ الْوَقْتِ عَلَى آخِرِهِ كَفَضْلِ الْآخِرَةِ عَلَى الْأُولَى، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ لِانْتِظَارِ كَثْرَةِ الْجَمْعِ بَلْ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ لِحِيَازَةِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ فَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ كَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ وَمِنْ تَطْوِيلِ السُّورَةِ، وَقَدْ تَأَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَكَانُوا فِي سَفَرٍ وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ لِلطَّهَارَةِ فَلَمْ يُنْتَظَرْ وَقُدِّمَ «عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ» فَصَلَّى بِهِمْ حَتَّى فَاتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَةٌ فَقَامَ يَقْضِيهَا فَأَشْفَقُوا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قَدْ أَحْسَنْتُمْ هَكَذَا فَافْعَلُوا» وَذَهَبَ مَرَّةً بَيْنَ قَوْمٍ فَتَأَخَّرَ عَنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَقَدَّمُوا أبا بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَتَّى جَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَقَامَ إِلَى جَانِبِهِ. وَلَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ انْتِظَارُ الْمُؤَذِّنِ وَإِنَّمَا عَلَى الْمُؤَذِّنِ انْتِظَارُ الْإِمَامِ.

[رَابِعُهَا] : أَنْ يَؤُمَّ مُخْلِصًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمُؤَدِّيًا أَمَانَةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي طَهَارَتِهِ وَجَمِيعِ شُرُوطِ صَلَاتِهِ، أَمَّا الْإِخْلَاصُ فَبِأَنْ لَا يَأْخُذَ عَلَيْهَا أُجْرَةً قَالَ [الشَّيْخُ: تقي الدين ابن تيمية: مَا يُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَيْسَ عِوَضًا وَأُجْرَةً بَلْ رِزْقًا لِلْإِعَانَةِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَالُ الْمَوْقُوفُ عَلَى أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالْمُوصَى بِهِ أَوِ الْمَنْذُورُ لَهُ لَيْسَ كَالْأُجْرَةِ وَالْجُعْلِ انْتَهَى.

قَالَ «الحارثي» : فَالْقَائِلُ بِالْمَنْعِ مِنْ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى نَوْعِ الْقُرَبِ لَا يَمْنَعُ مِنْ أَخْذِ الْمَشْرُوطِ فِي الْوَقْفِ] .

وَأَمَّا الْأَمَانَةُ فَهِيَ الطَّهَارَةُ بَاطِنًا عَنِ الْفِسْقِ وَالْكَبَائِرِ وَالْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ، فَالْمُتَرَشِّحُ لِلْإِمَامَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْتَرِزَ عَنْ ذَلِكَ بِجُهْدِهِ فَإِنَّهُ كَالْوَفْدِ وَالشَّفِيعِ لِلْقَوْمِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خَيْرَ الْقَوْمِ. وَكَذَا الطَّهَارَةُ ظَاهِرًا عَنِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ فَإِنَّهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ سِوَاهُ، فَإِنْ تَذَكَّرَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ حَدَثًا أَوْ خَرَجَ مِنْهُ رِيحٌ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِيَ بَلْ يَأْخُذُ بِيَدِ مَنْ يَقْرُبُ مِنْهُ وَيَسْتَخْلِفُهُ.

[خَامِسُهَا] : أَنْ لَا يُكَبِّرَ حَتَّى تَسْتَوِيَ الصُّفُوفُ فَلْيَلْتَفِتْ يَمِينًا وَشِمَالًا فَإِنْ رَأَى خَلَلًا أَمَرَ بِالتَّسْوِيَةِ. قِيلَ كَانُوا يَتَحَاذَوْنَ بِالْمَنَاكِبِ وَيَتَضَامُّونَ بِالْكِعَابِ، وَلَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَفْرَغَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْإِقَامَةِ، وَالْمُؤَذِّنُ يُؤَخِّرُ الْإِقَامَةَ عَنِ الْأَذَانِ بِقَدْرِ اسْتِعْدَادِ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ.

<<  <   >  >>