الْحَاجَةِ، وَخُرُوجٌ عَنْ هَيْئَةِ التَّعَفُّفِ وَالتَّصَوُّنِ الْمَحْبُوبِ الَّذِي يَحْسَبُ الْجَاهِلُ أَهْلَهُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ أَسْلَمُ لِقُلُوبِ النَّاسِ وَأَلْسِنَتِهِمْ فَإِنَّهُمْ رُبَّمَا يَحْسُدُونَ أَوْ يُنْكِرُونَ عَلَيْهِ أَخْذَهُ وَيَظُنُّونَ أَنَّهُ أَخْذٌ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ ; وَالْحَسَدُ وَسُوءُ الظَّنِّ وَالْغَيْبَةُ مِنَ الذُّنُوبِ الْكَبَائِرِ وَصِيَانَتُهُمْ عَنْ هَذِهِ الْجَرَائِمِ أَوْلَى. قَالَ «أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ» : «إِنِّي لَأَتْرُكُ لُبْسَ الثَّوْبِ الْجَدِيدِ خَشْيَةَ أَنْ يَحْدُثَ فِي جِيرَانِي حَسَدٌ» . وَقَالَ آخَرُ: «خَشْيَةَ أَنْ يَقُولَ إِخْوَانِي مِنْ أَيْنَ لَهُ هَذَا» .
الثَّالِثُ: إِعَانَةُ الْمُعْطِي عَلَى إِسْرَارِ الْعَمَلِ فَإِنَّ فَضْلَ السِّرِّ عَلَى الْجَهْرِ فِي الْإِعْطَاءِ أَكْثَرُ وَالْإِعَانَةَ عَلَى إِتْمَامِ الْمَعْرُوفِ مَعْرُوفٌ. دَفَعَ رَجُلٌ إِلَى بَعْضِ الْعُلَمَاءِ شَيْئًا ظَاهِرًا فَرَدَّهُ وَدَفَعَ إِلَيْهِ شَيْئًا آخَرَ فِي السِّرِّ فَقَبِلَ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا عَمِلَ بِالْأَدَبِ فِي إِخْفَاءِ مَعْرُوفِهِ فَقَبِلْتُهُ وَذَاكَ أَسَاءَ أَدَبَهُ فِي عَمَلِهِ فَرَدَدْتُهُ عَلَيْهِ» . وَرَدَّ بَعْضُهُمْ مَا دُفِعَ إِلَيْهِ عَلَانِيَةً وَقَالَ لَهُ: «إِنَّكَ أَشْرَكْتَ غَيْرَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِيمَا كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَمْ تَقْنَعْ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَرَدَدْتُ عَلَيْكَ شِرْكَكَ» .
الرَّابِعُ: أَنَّ فِي إِظْهَارِ الْأَخْذِ ذُلًّا وَامْتِهَانًا وَلَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ.
الْخَامِسُ: الِاحْتِرَازُ عَنْ شُبْهَةِ الشَّرِكَةِ لِحَدِيثِ: «مَنْ أُهْدِيَ لَهُ هَدِيَّةٌ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ فَهُمْ شُرَكَاؤُهُ فِيهَا» وَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ فَيَنْبَغِي لِلْمُخْلِصِ أَنْ يَكُونَ مُرَاقِبًا لِنَفْسِهِ حَتَّى لَا يَتَدَلَّى بِحَبْلِ الْغُرُورِ وَلَا يَنْخَدِعَ بِمَكْرِ الشَّيْطَانِ.
نَسْأَلُ اللَّهَ الْكَرِيمَ حُسْنَ الْعَوْنِ وَالتَّوْفِيقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute