الإقناع، مما يعين على الاستجابة السريعة للشفاعة، فيقول الصيام: قد حرمته من ضروريات الحياة، وهي الطعام والشراب وكلاهما يحفظ النفس من الموت، ومن كماليات الحياة، وهي الحرمان من الشهوات والملذات، ومن منهيات الحياة ومحرماتها فلا يشهد الزور، ولا يقع منه اللغو ولا الغيبة والنميمة، ليلتزم بأخلاق الصيام وتعاليمه؛ لذلك جاءت آية استجابة الدعاء وقبول الشفاعة بين آيات الصيام قال تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} .
روعة التصوير البلاغي في قوله:"يقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه" فقد جاءت الصورة البلاغية أيضًا على سبيل التشخيص، حين كان التشخيص في القرآن خير مدافع لمن يقرؤه في ليل رمضان، ويعمل بقيمه وتشريعه في جميع الأحوال؛ فهو يستحق منه الدفاع والحماية، لينجو من عذاب القبر وعذاب القيامة في وقفة المحشر الرهيب، وشدة الحساب ولهيب جهنم، والحرمان من الجنة، ثم خص الصيام بالنهار لأنه مجاله من مطلع الفجر إلى مغرب الشمس قال تعالى:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} كما خص قراءة القرآن بالليل، لأن فيه أعظم العبادات وهي التهجد، قال تعالى:{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} ، وللدلالة أيضًا على أن نزول القرآن الكريم كان ليلًا أيضًا، وفي ليلة خير من ألف شهر، قال تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ، سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} .