أخرج البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال:"قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "من صلي صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته".
التصوير الأدبي في بلاغة التعبير عن المسلم الذي أدى الصلاة واستقبل القبلة، وأكل الذبيحة المشروعة؛ يعتمد على أسرار بلاغية، تضفي على الأسلوب النبوي الشريف الجمال والروعة، التي تهذب النفس البشرية بالقيم الأخلاقية والتشريعية السامية، تصور معالمها الصور الفنية المتنوعة هنا، فترى الصورة الفنية البليغة في قوله: "من صلى صلاتنا"؛ فعبر بـ "من" لتشمل الرجال والنساء في جميع الأحوال، ثم عبر عن الصلاة بالفعل "صلى" أي صلاها بالفعل، ولم يقل أداها أي أداة لا على سبيل التحقيق والإتقان، ولم يقل أقامها، فقد يقيم الإنسان الصلاة ولا يصليها كاملة، وأضيفت الصلاة إلى ضمير المشرع في "صلاتنا" لأن صلاة الإسلام تختلف عن صلاة الديانات الأخرى كالمسيحية واليهودية والمجوسية وغيرها؛ فقد دلت على الصلاة المشروعة التي شرعها الله ورسوله، وتحددت معالمها وهيئتها وأركانها وعددها والفريضة والمسنونة، قال تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} إلى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} وفي الحديث الشريف: "أول ما يحاسب عليه المرء الصلاة فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله"، وكذلك الصورة البليغة في قوله: "واستقبل قبلتنا"، فقد نص عليها الحديث الشريف، مع أنها داخلة في الصلاة، ليدل التصريح بالقبلة الواحدة على قيم أخلاقية أخرى، وهي الوحدة والترابط؛ لأن القبلة واحدة