للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[السكينة والوقار عند الصلاة]

أخرج البخاري عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: "بينما نحن نصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ سمع جلبة الرجال، فلما صلى قال: "ما شأنكم" -بالهمزة أي حالكم- حيث وقع منكم الجلبة؟ قالوا: استعجلنا إلى الصلاة، قال: "فلا تفعلوا، إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا".

التصوير الأدبي في بلاغة الحديث الشريف: حين انتهى من الصلاة، بعد أن سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- جلبة في المسجد، توجه إليهم يسألهم مستنكرًا "ما شأنكم فأجابوه: أن سبب الهرج والمرج هو استعجال الصلاة خوفًا من فوات الجماعة وحرصًا على ثوابها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "فلا تفعلوا إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة"، وذلك في تصوير فني بليغ، جمع بين عناصر الجمال من إثارة الوجدان، وحرارة العاطفة، والإقناع العقلي بالنهي القاطع عن الجلبة والعجلة، لا على الحرص في صلاة الجماعة، في صورة فنية تعتمد على الأسلوب الإنشائي، ليصدر حكمًا قطعًا لا شك فيه، في تصوير بليغ للقيم التشريعية السامية، النابعة من "الفاء" التي تدل على الترتيب والتعقيب، ومن النهي القاطع "بلا" الناهية، الداخلة على الفعل المضارع "فلا تفعلوا" في تصوير أدبي يدل على الزجر والردع المستمر في جميع الأحوال، وكذلك تحريك العاطفة والوجدان والعقل بتصوير فني يعتمد على أسلوب الشرط والجزاء، في نسق إيقاعي متوازن، ليترتب الحكم والقرار في جملة الجواب: "فعليكم بالسكينة" على المقدمات في جملة الشرط السابقة "إذا أتيم الصلاة" بحيث يكون الحكم قاطعًا على سبيل التحقيق واليقين؛ فلا يقبل النقض ولا المخالفة، ثم أكد الحكم

<<  <   >  >>