للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[لا تغضب]

أخرج أبو داود عن عطية السعدي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ".

التصوير الأدبي في بلاغة التعبير عن الغضب في هذا الحديث الشريف يستمد روافده من فصاحة الكلمات في جزالتها وفخامتها وعنف الدلالات الصوتية لحروفها، وبلاغة الألفاظ في خصوبة معانيها وعمق أبعادها وما توحي به من المقاومة والشدة والصراع؛ لكي تعبر عما يهدف إليه الحديث الشريف من العنف والتمرد، والقوة والصراع والمقاومة والدفاع.

تجد ذلك هنا في كلمات كثيرة منها: "إنّ" وتكررت ثلاث مرات لزيادة التأكد وعنف المقاومة والصراع، وكذلك كلمة "الغضب" وما يتضمن معناها من الغليان والهيجان والثورة والشدة والعنف، وكذلك كلمة الشيطان، وتكررت مرتين للزيادة والتأكيد في معانيها، وما توحي به من التمرد والغواية والإفساد والعداوة والحقد والفتنة، وكذلك كلمة النار وما تدل عليه من الاشتعال واللهيب المحرق، والماء وطغيانه المدمر.

تلك الكلمات تصور الصراع العنيف بين هوى النفس وغواية الشيطان، وما يدور بينهما من المقاومة العنيفة والدفاع العنيد في ثورة وغليان حتى ينتصر أحدهما على الآخر.

التصوير الأدبي لبلاغة الأسلوب والنظم في تشخيص الغضب وآثاره المدمرة، تجد ذلك في بنية الأسلوب النبوي الشريف، ودقة النظم البليغ،

<<  <   >  >>