أخرج النسائي وأحمد عن النضر بن شيبان قال: قلت لأبي سلمة بن عبد الرحمن: حدثني بشيء سمعته عن أبيك، وسمعه أبوك من النبي -صلى الله عليه وسلم- عن شهر رمضان فقال: نعم حدثني أبي فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:"إن الله تبارك وتعالى فرض صيام رمضان عليكم وسننت لكم قيامه، فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه".
التصوير البلاغي: المستمد من المعاني الحقيقية، التي تواضع عليها علماء اللغة لألفاظ الحديث الشريف وبلاغة أسلوبه، جاء هنا في صور بليغة متنوعة، منها: تصوير صوم رمضان بصيغة الصيام لا الصوم، للدلالة على قيم خلقية كثيرة؛ تشمل جميع فضائل شهر رمضان، بما لا يحتويه لفظ الصوم، فالصوم بمعنى الإمساك عن الكلام، قال تعالى على لسان مريم:{إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} أي إمساكًا عن الكلام، وقد يشمل الإمساك عن الطعام، بينما صيغة الصيام تدل على أكثر من ذلك بكثير، لأن صيغة الفعال والمفاعلة تدل على المشاركة والمجاهدة، والمثابرة والمقاومة والمغالبة والمنافسة، وغير ذلك مما يتضمن جهاد النفس، وانتصارها على هواها وشهواتها، وعلى الشيطان وإغراءاته، وعلى ذلك فصور الصيام بمدلولاتها اللغوية تحتوي على قيم صيام رمضان الخِلقية والخُلُقية، فأما القيم الخِلْقية كالجهاد والمقاومة والمغالبة بالجسد، تنشطه وتقويه وتجدد طاقاته، ليقوى على الطاعة والعمل، فيخرج الصائم من صيامه صحيح البدن قوي البنية، وفي الحديث الشريف:"صوموا تصحوا"، وفي آخر:"المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء"، وفي ثالث: "ما ملأ ابن آدم وعاء شرًّا من بطنه وإن