أخرج البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال:"جاء ثلاثة رهط إلى أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادة النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا: وأين نحن من النبي -صلى الله عليه وسلم- قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فقال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليهم فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني".
التصوير البلاغي المستمد من المعاني الحقيقية، التي تواضع عليها علماء اللغة، لألفاظ الحديث الشريف وبلاغة أسلوبه، منها: بلاغة الاستفهام في قوله: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا" فليس المقصود منه الإجابة عن السؤال. وهو المعنى اللغوي للاستفهام، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد علم ما سألهم عنه، وما تقالوه من عبادتهم، لكن المراد نفي ما قالوه، ورفض ما