للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثالث: الصوم والحج]

[شهر عظيم مبارك]

أخرج أحمد والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين استقبل شهر رمضان قال: "قد جاءكم شهر مبارك افترض عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم".

التصوير البلاغي في قوله: "قد جاءكم شهر مبارك افترض عليكم صيامه" يعتمد على مصادر جمالية وأسرار بلاغية، تسمو بالأسلوب النبوي الشريف إلى قمة التأثير القلبي والوجداني، وإلى الإقناع العقلي والحسي والسلوكي، فقد عبر عن فضيلة شهر رمضان وتميزه عن غيره بقوله: "مبارك" بصيغة المفاعلة، لا بالبركة فحسب، للدلالة على أن العمل الصالح فيه يتفاعل ويتكاثر ويزداد، فالفريضة فيه بسبعين فريضة، والنافلة فيه تسمو إلى ثواب الفريضة، والمال فيه يتضاعف حتى لا تجد فيه فقيرًا أو معدمًا، والصدقة فيه تربو وتتكاثر، والجسد فيه يصح ويخلو من الأمراض والعلل حتى يقوى على طاعة الله، وعلى السعي والعمل "صوموا تصحوا" وفي الحديث الشريف: "من أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، ومن تطوع فيه بنافلة كان كمن أدى فريضة فيما سواه، فيه ليلة خير من ألف شهر"، وعبر الحديث الشريف عن الفريضة بالفعل المبني للمجهول "افترض"، ولم يقل: فرض الله عليكم صيامه، للدلالة على أن الفريضة ليست أمرًا فحسب، بل إن الإنسان في حاجة إلى الصيام؛ لتهذيب نفسه وإصلاح بدنه وطبه، فهو الذي

<<  <   >  >>