أخرج أحمد وأصحاب السنن عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:"من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه".
التصوير الأدبي في بلاغة التعبير لقوله:"من صام رمضان" ترجع بلاغته إلى اختيار الكلمات، التي تؤدي المراد بدقة وشمول وعلى سبيل التحقيق، فعبر "بمن" دون غيرها لإفادة التكليف والتنويع؛ لأنها وضعت في اللغة العربية للعقلاء البالغين المكلفين، على العكس من "ما" فهي لغير العقلاء، لذلك وجب الصيام على الإنسان المكلف من بين المخلوقات، فقد خاطب الله تعالى المؤمنين بفرضية الصيام فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ، وكذلك لإفادة الشمول والعموم، لأن "من" تشمل الرجل والمرأة والراعي والرعية، فهي تستوعب كل المكلفين من بني آدم، وكذلك لإفادة الالتزام والإلزام على سبيل الحتم والفرضية، فهي أداة شرط، يستوجب فعلها وهو "من صام رمضان" جواب الشرط وجزاؤه وهو: "غفر له ما تقدم من ذنبه"، وكذلك تجد بلاغة التصوير الفني في اختيار كلمتي "صوم رمضان"، للدلالة على أن شهر رمضان المعظم دون غيره هو المفضل من بين الشهور بالصيام، فقد ميزه الله تعالى بهذه الفضائل من بين غيره، منها الصيام ونزول القرآن الكريم، قال تعالى:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، وفي الحديث الشريف حين استقبل هذا الشهر النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال:"لقد أظلكم شهر عظيم مبارك شهر فيه ليلة خير من ألف شهر جعل صيامه فريضة وقيام ليله تطوعًا".