للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشرط وجزائه في قوله: "فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، فهذا النسق الإيقاعي الرتيب يثير النفس، وينبه الذهن، فتفتح له منافذ الإدراك، وتستقر معانيه في القلب والعقل معًا، وكذلك ما يفيده أسلوب الشرط والجزاء من حتمية النتيجة والقرار والحكم الفصل، الذي لا مرد فيه ولا شفاعة، بمعنى من لم يترك قول الزور فليس بصائم، ولا يقبل صومه بحال، فتتمكن هذه القيم الإسلامية من الصائم، وذلك من خلال التطابق بين قول الزور والعمل به، وكذلك بين طعامه وشرابه، ثم التقابل بين الجملتين الأولى: "قول الزور والعمل به". والثانية "يدع طعامه وشرابه" ليشكل صورة بليغة غنية بالألوان متنوعة المعاني المتطابقة والمتقابلة، فتؤكد ما تدل عليه من القيم الخلقية والتشريعية في أحكام الصيام المقبول والمثاب.

القيم الخلقية والتشريعية في الحديث الشريف:

١- ترك قول الزور والنهي عن العمل به وخاصة في الصيام فهو يضاعف فيه أجر الصيام، ويعظم فيه عقاب الزور.

٢- الزور يحرم الصائم من ثوابه المضاعف.

٣- يحث الإسلام المؤمن على التحقيق والتثبت في القول والعمل.

٤- بشاعة الزور؛ لأنه يعين على أكل أموال الناس بالباطل، ويشيع الفتنة بين الناس، والفتنة أشد من القتل.

٥- إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- بما يقع في المستقبل بأن بعض الناس سيتخذون شهادة الزور حرفة وعملًا يرتزقون منها، كما يحدث في المحاكم حديثًا.

٦- لا يقتصر مفهوم الصيام على الإمساك على الطعام والشراب، بل يتسع فيشمل ترك قول الزور والعمل به والفحشاء والمنكر.

٧- بالإضافة إلى ما ذكر من القيم في التصوير النبوي في الحديث الشريف.

<<  <   >  >>