عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:"لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحلُّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" أخرجه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وزاد الطبراني:"ويلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، والذي يبدأ بالسلام يسبق إلى الجنة".
الوحدة العضوية في بلاغة التصوير الأدبي لهذا الحديث الشريف:
تظهر هذه الوحدة في بلاغة الترتيب بين هذه الصفات والأعمال البشرية ترتيبًا واقعيًا في تصاعد ونمو مطرد كالأحداث والمشاهد في القصة، يترتب فيها الحدث الثاني على الأول، والثالث على الثاني وهكذا، وهو ما يسمى في النقد الأدبي بالوحدة العضوية، فانظر إلى هذا الاضطراد والنمو المتصاعد حين بُدئ الحديث بالنهي عن التقاطع في "لا تقاطعوا"، وهو الجفاء والتفرق مما يشتت الوحدة ويمزق الترابط والتآخي، وهذا المشهد بدوره يؤدي إلى مشهد أعلى فيه وأشد وهو عدم التدابر في "ولا تدابروا" لأن فعل التدابر يزداد عن التقاطع بأفعال مذمومة ومحرمة أخرى؛ مِن الافتراء على الغير بالبهتان والغيبة والنميمة، وهذا المشهد الثاني يتنافى ويتصاعد ليترتب عليه المشهد الثالث، وهو عدم التباغض في "ولا