الأعضاء وتكاملت، وأخذت موقعها من النسق الجميل والقوي في تحقيق غايته من الحياة الكريمة والقوية والعزيزة، فإذا كان عضو من أعضاء الجسد قد أصابه ضعف أو مرض أو اعتلال أو كسر، كان بالضرورة لبقيته أن يتألم فتشاركه التعب والسهر، مما يؤدي إلى تزايد المرض وسريان الحمى في الجسد كله، وما أروع تقديم السهر وعدم النوم قبل الحمى؛ لأنها مترتبة على الأرق، وهذا هو شأن المؤمنين إذا تراحموا وتودّوا وتعاطفوا واعتصموا بحبل الله جميعًا، فصاروا أمة قوية عزيزة الجانب، يهابها الناس، ويحسبون لها ألف حساب كالجسد القوي الصحيح، الذي يقوى على مقاومة المرض والضعف والهوان، وإن اختفت هذه القيم وانعدمت، تفرق المؤمنون واختلفوا، ومزقتهم العداوة والبغضاء، فانهارت قوتهم وضعفت شوكتهم، قال تعالى:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} .
القيم الخلقية والتشريعية في الحديث الشريف:
١- إذا تحققت قيم التراحم والتواد والتعاطف في المسلم أصبح مؤمنًا فاستحق صفة الإيمان، وهو يزيد وينقص حتى يصل إلى درجة الإحسان.
٢- حث الحديث الشريف على التراحم بين المسلمين فيرحم بعضهم بعضًا بأخوة الإسلام ونسبه.
٣- كما حث على المودة، وذلك بصلة الرحم بالتزاور والتهادي، والتواصل بين ذوي الرحم وبين الإخوة في الإسلام.
٤- كما حث على التعاطف والتعاون والتكافل بين المسلمين جميعًا؛ لأنهم أمة واحدة كالجسد الواحد.
٥- ويحث أيضًا على وحدة الأمة الإسلامية والاعتصام بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم؛ فتتحطم أمامها التيارات المدمرة من التمزق والتفرق والتنازع.
٦- يقوم الحديث الشريف في تصويره النبوي وبلاغة تعبيره على وحدة فنية وموضوعية وعضوية، ترابطت فيها القيم الخلقية والفنية في نمو واطراد، بحيث لو قدمت قيمة على أخرى لاختل البناء الفني والعضوي من التراحم ثم التواد، ثم التعاطف، ولابد أن تكون الحمى نتيجة للتعب ومرض الجسم الذي اعتل بالأرق وعدم النوم ومسبباته المختلفة.
٧- بالإضافة إلى ما ذكر من القيم في التصوير النبوي للحديث الشريف