أخرج البخاري عن أبي قتادة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"إني لأقوم في الصلاة؛ أريد أن أطوّل فيها؛ فأسمع بكاء الصبي؛ فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه".
التصوير الأدبي في بلاغة الأسلوب النبوي الشريف لأداء صلاة طويلة في قوله -صلى الله عليه وسلم:"إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها" اختار أساليب التوكيد المختلفة للدلالة على صدق نيته، والعمل على تنفيذ عزيمته فليس الأمر نية فحسب، بل تنفيذ وسلوك وعمل متكامل، جاء ذلك من صورة أدبية قوامها مؤكدات متنوعة منها:"إن" المشددة المؤكدة الناصبة للمبتدأ الرافعة للخبر، ومنها: اسمية الجملة التي تدل على الثبات والدوام، فالجملة اسمية مكونة من المبتدأ وهو الياء، وخبر والتقدير أنا لأقوم، ومنها: لام الابتداء التي دخلت على الخبر، وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، بالإضافة إلى أنها توحي بالقسم الذي يزيد القيم الخلقية تأكيدًا والتقدير "إنني والله لأقوم"، ومنها أن طويلًا نابع من الإرادة والاختيار، وهي الميزان والمقياس الفاصل في التمييز بين الحسنات والسيئات والصالح والطالح، ومنها مجيء الحال هنا مؤولة من "أن المصدرية والفعل المزيد بالهمزة والتضعيف في "أطول"، وهي زيادات في المبنى تدل على زيادات في المعنى، وهو ما لا يتحقق في الحال الصريح فيما لو قيل: "الطويلة"، تلك بلاغة النبي -صلى الله عليه وسلم- في التآخي بين معاني الكلمات، وهو النظم المجرد من صور الخيال، وما أروع التعبير هنا بقيام الصلاة؟ لا أدائها؛ لأن القيام يختص بالصلاة ولازم له، بينما الأداء عام لجميع الأعمال، ليتفق مع القرآن الكريم في قوله:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} أي أحسنوها بالكمال والدوام.
بلاغة الأسلوب النبوي الشريف جاءت في صور أدبية مثيرة في قوله: "فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي" فالصورة الأولى في حرف الفاء، فهي فاء فصيحة، أفصحت عن جملة مقدرة، وهي: "يبكي الصبي فأسمع بكاءه" والبلاغة في تمام المعنى واستقصاء جوانبه المختلفة، وفيه دلالة على أن تلقي الأذن لأصوات خارجة عما يتصل بالصلاة لا تبطلها،