أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:"أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسًا، ما تقول ذلك يُبقي من درنه"؟ قالوا: لا يُبقي من درنه شيئًا، قال:"فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا".
التصوير البلاغي المستمد من المعاني الوضعية في اللغة العربية لهذا الحديث الشريف: تنوعت مصادره الجمالية، فالصورة الأولى: أوحت بها همزة الاستفهام "أرأيتم"؛ فقد أفادت معان كثيرة فوق المعنى الوضعي لها في اللغة، وهي الإجابة عن هذا السؤال منها: إثارة انتباه السامع لأهمية موضوع الصلاة والاستعداد لها بالطهارة والغسل، فهي عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين، لأنها تربية بدنية وروحية وأخلاقية واجتماعية، ومنها: إفادة التقرير والثبوت، فليس المرادُ بالاستفهام الإجابة عن السؤال فحسب، بل المراد أيضًا أن هذه التربية البدنية، والقيم الخلقية والاجتماعية، أمر ثابت ومقرر، لمن أدى الصلاة بعد الاغتسال والوضوء خمس مرات في اليوم والليلة، ومنها: أن الاستفهام بالهمزة وهي حرف مفرد يفيد التحقيق والحق والحقيقة، فلا مجال هنا للتردد والظن، مما تضمته بنية "هل" من احتمال هذه الظنون، بمعنى أن من اغتسل خمسًا للصلوات المفروضة فجزاء فاعلها محو الذنوب حقًا وحتمًا لا مرد فيه، لأنه وعد الله، والله لا يخلف الميعاد، وكذلك الأمر في الاستفهام الثاني في قوله:"ما تقول ذلك يُبقي من درنه؟ ". والصورة