للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثانية: في تخصيص الفعل المضارع دون الماضي والأمر، في قوله: "يغتسل، ويبقي، ولا يبقي، ويمحو" للدلالة على تكرار الغسل وتجدده واستمراره، وما أجمل العموم في لفظ "يغسل" غير المقيد، وبلاغته العميقة في تنوع الغسل، ليشمل جميع البدن أو معظمه، أو الاقتصار على أعضاء الوضوء فقط، وللدلالة على طهارة تجدد الأوساح الحسية في البدن والثوب، والمعنوية من الطهارة النفسية والقلبية، فهو متجدد مع المرات الخمس، وللدلالة على استمرار محو الذنوب في يمحو بها الخطايا في العمر كله، لتجدد الغسل والصلاة المفروضة كل يوم، وكذلك الحال في الصور البلاغية المستمدة من وحي اللغة في "أرأيتم -ونهرًا- وكل يوم- ومن درنه- والصلوات الخمس- وبها الخطايا".

التصوير الفني في بلاغة الأسلوب البياني المستمد من ألوان الخيال، يتخذ منها صورًا حسية مؤثرة في النفس والقلب والعقل والوجدان. سواء أكانت صورًا جزئية أو كلية، فأما الصور الجزئية فمنها: المجازُ المرسلُ في "يغتسل فيه"، فليس المرادُ أن يغتسل في امتداد النهر كلِّه، يَسْبَحُ فيه من أوله إلى آخره، بل المراد في جزء منه، لتوحي الكلية في النهر بشمول الجسد وكمال الطهارة، ومنها: الاستعارة المكنية في كل من "يبقى من درنه، ولا يبقى.." فهي تفيد بأن النهر له تأثير فاعل كالإنسان؛ لتنظيف الجسد وتطهيره، فيشتمل على البدن خمس مرات، حتى لا يبقى من درنه شيء، ومنها: صورة الاستعارة التصريحية في "يمحو بها الخطايا" "من درنه شيء"، ومنها: صورة الاستعارة التصريحية في "يمحو بها الخطايا" لأن الخطايا أمر معنوي، والمحو لا يكون إلا للحسي، فجاءت في صورة محسوسة للتأكيد على غفرانها كلها، سواء الصغائر منها أو الكبائر على الأرجح عند العلماء، ومنها: صورة التشبيه التمثيلي فقد شُبِّه الاغتسال خمس مرات؛ لإزالة الأوساخ الحسية والنفسية بأداء الصلوات الخمس،

<<  <   >  >>