أخرج البخاري عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:"مثلُ المؤمنين في تراحمهم، وتوادهم وتعاطفهم مثلُ الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
الوحدة العضوية في بلاغة التصوير الأدبي لهذا الحديث الشريف:
تظهر بلاغة النبي -صلى الله عليه وسلم- في ترتيبه بين الصفات والأعمال الإنسانية ترتيبًا واقعيًا في نمو وتصاعد مطرد، بحيث تترتب الصفات والأفعال بعضها على بعض مثل تسلسل المشاهد وتناميها في الرواية والقصة، فقد ترتب التواد على التراحم وتنامى عنه وزاد عليه في الصفات والأعمال، وترتب التعاطف على التواد وتنامى عنه وزاد عليه في الصفات والأعمال، فانظر إلى هذا التنامي والتصاعد في البنية الفنية للحديث الشريف، حين بُدئ بأدنى الصفات والأعمال وهو التراحم، فيرحم بعضهم بعضًا بأخوة الإسلام ونسبه، لا بسبب آخر، فالتراحم هو المرحلة الأولى التي لا بد أن تتحقق قبل المرحلة الثانية، وهي التواد التي تترتب على التراحم، بل تزيد عليها بصفات وأعمال كثيرة هي صلة الرحم والتزاور والتهادي، وما أشبه