أخرج البخاري عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: أشهد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وأن يستن، وأن يمس طيبًا إن وجد".
التصوير الأدبي لبلاغة الأسلوب النبوي الشريف في الاحتفاء بعيد المسلمين الأسبوعي يوم الجمعة المبارك؛ يعود إلى تنوع الصور البلاغية الجميلة، منها دلالة أداة التعريف، وهي "ال" في "الغسل" على الشمول والاستغراق؛ فيشمل تعميم الجسد كله بالماء الطاهر؛ وإزالة ما عليه من أوساخ حسية كالتراب والعرق والبول والغائط وغيرها من النجاسات، وما في الجسد من حدث معنوي كالجنابة أو الحيض أو النفاس وغيرها، وغسل ما على الجسد، من ملابس تشربت العرق والتراب والأوساخ، ليكون الثوب طاهرًا نظيفًا كالجسد تمامًا، لأنه ليس بمعقول أن يطهر الجسد ثم يعود إلى ثيابه المتسخة فيضطر أن يغتسل مرة أخرى، وهذا المعنى يتناقض مع الغرض من الحديث الشريف في الطهارة والنظافة؛ في الاحتفاء بعيد المسلمين الأسبوعي ومنها التنصيص على يوم الجمعة بالذات؛ لأن اليوم يتكرر مع بقية أيام الأسبوع؛ فيهمل المكرر ليتميز غيره؛ للدلالة على أن الغسل لا بد أن يكون لصلاة الجمعة، تبدأ من الفجر؛ فلا قيمة خلقية وتشريعية لها بعد صلاة الجمعة؛ ولا قبل الفجر؛ للمفارقة بلوازم الصلاة من السواك والطيب، ومنها قوله:"واجب" أي كالواجب تمامًا في الكيفية وكرم الأخلاق، ورعاية للذوق السامي والنظافة، وكمال الزينة وحفاظًا على الصحة ومقاومة المرض، وليس واجبًا في الحكم، بل سنة مؤكدة عند جمهور العلماء؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو داود والترمذي وغيرهما:"من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل"، ومنها قوله:"على كل محتلم"، فيشمل البالغ العاقل رجلًا كان أو امرأة، ليخرج الصبي، فلا يتأكد في حقه لما رواه ابن حبان:"من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل".
بلاغة الأسلوب النبوي الشريف في التصوير الأدبي الرائع للاحتفاء