كان ولا بد، فثلث لطعامه وثلث لشرابه ولثلث لنفسه"، وأما القيم الخُلُقية التي تحتويها صيغة الصيام، فتشمل الغاية السامية من هذه الفريضة، فمن قيمة المجاهدة والمقاومة والمغالبة والمشاركة والصبر، وقوة الإرادة والعزيمة والأمانة، بل أسمى أنواعها، والمحاسبة والمراقبة والعفة والعزة، وحسن المعاملة والمواساة والتعاون والتكافل، والكرم والاستثمار وكثرة الإنتاج ورواج الاستهلاك والأسواق وغيرها، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- متأثرًا بمنهج القرآن في إيثار الصيام عن الصوم مع كل العبادات وفي رمضان، فجاءت هذه الغاية السامية في معظم الأحاديث بلفظ الصيام في القرآن الكريم، وقليل منها بالصوم، ليظل الفرق بين كلام الله المعجز وبين حديث أبلغ البشر على الإطلاق.
ومنها صورة التأكيد للفريضة في صيام رمضان بمؤكدات وهي: "إن واسمية الجملة من المبتدأ والخبر، وما تدل عليه من الدوام والثبات، وذكر لفظ الجلالة "الله" وصور التنزيه له في قوله: "تبارك وتعالى" وإيثار لفظ الفرض الذي لا يترك مجالًا لاحتمال أي ركن من أركان الإسلام الخمسة، والتصريح بذكر رمضان أي مقصور عليه لا غيره من الشهور، ودلالة "عليكم" من الإلزام، لكي يتضح الفرق بين "لكم" في السنة و"عليكم" في الفريضة، ومنها الصورة البليغة في التعبير عن لفظ "السنة" المشددة وهي نافلة القيام وسنة التراويح في قوله: "وسننت لكم قيامه"، بفك إدغام لفظ السنة، كما في سننت من التسهيل والترويح والتجاوز، لا الإلزام والفريضة، حتى لا يكون القيام ملزمًا كالصيام، لذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه حين امتنع عن متابعة القيام معهم:"خشيت أن يفرض عليكم".
أما التصوير الفني في بلاغة الأسلوب البياني المستمد من الصور الخيالية وغيرها، مما يدعو إلى التأمل وطول النظر، ويثير العاطفة ويوقظ