للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة" وفي آخر: "هلك المتنطعون"، وذلك في صور بليغة؛ فبلاغة الصورة الأولى في إيجازها وعمق معانيها وسمو قيمها في قوله: "ذروي ما تركتم تحث الناس على عدم إثارة الأسئلة والتنطع فيه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} ، وعليهم أن يذروه مع ربه ما دام الوحي لم ينزل بشيء، حتى لا ينزل بأمر لا يطيقونه.

والصورة البليغة الثانية تصور أسباب التشدد في الديانات للرسل السابقين، مثل تشدد اليهود مع موسى عليه السلام في ذبح البقرة، حتى عزت عليهم فقال: "إنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم" والصورة الثالثة تعبر عن تعليم الصحابة -رضي الله عنهم- الأسلوب الأمثل في تعلم الشريعة في قوله: "فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه"؛ فعبر بإذا مرتين عن ذلك، لإفادة الجزم واليقين، وعن طريق الأمر والنهي من قبل الله عز وجل ورسوله، لا عن طريق كثرة السؤال والاختلاف، بل عن طريق أداء هذه الأوامر على قدر استطاعتهم، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وعن طريق النهي عنها، فيتركونه بلا مناقشة أو تأويل أو جدال، فربما يؤدي ذلك إلى نزول وحي قد يضعف التكليف فوق طاقتهم.

القيم الخلقية والتشريعية في الحديث الشريف:

١- بالإضافة إلى ما ذكر في التصوير النبوي للقيم الخلقية والتشريعية في هذا الحديث الشريف نذكر ما يلي:

٢- كتب الله عز وجل على المسلمين فريضة الحج ركنًا من أركان الإسلام مرة واحدة في العمر.

٣- كراهية الرسول -صلى الله عليه وسلم- للسؤال عن أمر لم يذكره، بل يجب عدم إثارة الأسئلة بلا داع، ويلتزم بما أمر الله تعالى ورسوله.

٤- كراهة كثرة السؤال فيما لم يذكر قبل ذلك.

٥- رحمة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته والتخفيف عليهم والتيسير لهم.

٦- اتباع ما أمر به علي قدر الطاقة واجتناب ما نهى عنه على سبيل الجزم.

<<  <   >  >>