الاستطاعة المشروعة، وذلك في الأمر الذي يدل على الوجوب "حجي عنها"، أي: حجي أنت عن أمك، ولقد أضفى الحوار القصصي بين الراوي وامرأة من جهينة التي وجهت السؤال وتلقت الإجابة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- الشخصية الرئيسية في الحوار، أضفى ذلك على التصوير الأدبي الحيوية والحركة والجدة والتشويق مما يؤدي إلى مشاركة المتلقي الإيجابية في هذا الحوار القوي المثير.
روعة التصوير الأدبي في بلاغة التعبير عن صورة محسة من الواقع في قوله:"أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته"؟ تستنطق السائلة وتقتنع بها؛ لأن الدين لا بد من أدائه في الواقع على سبيل الوجوب، دون تقصير في أدائه كاملًا غير منقوص، وعند حلول الأجل بلا تسويف أو تأخير، وذلك من خلال صورتين؛ الأولى: تقوم على الاستفهام بالألف مرتين "أرأيت -أكنت" فهو يفيد غايتين: الاستفهام الإنكاري على السائلة، فكيف تنكر ذلك وهو أمر واضح مألوف لا يخفى على أحد في معاملة الناس، ولا يختلف مع الواقع المتعارف عليه، والغاية الثانية في الاستفهام التقريري، لأن قضاء الدين أمر مقرر وحقيقي، قررته العقول والفطرة المستقيمة، وقضت به الأحكام في المرافعات والقضايا، والصورة البليغة الثانية في التعبير بحرف "لو"، الذي يدل على عدم تحقيق الجواب لعدم تحقق الوقوع بمعنى النفي، لكن بلاغة الرسول -صلى الله عليه وسلم- استخدمتها على النقيض من معناها المتعارف عليها، وخاصة وهي تفتح باب الشيطان؛ فصارت "لو" تدل على الإيجاب وتحقق الوقوع، لتسلط الاستفهام الإنكاري عليها، لأن نفي النفي إثبات، فكان المراد نفي إنكار قضاء الدين، لأن الدين يجب قضاؤه، قال تعالى في أداء الدين قبل توزيع التركة:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} .