رابعًا: عرض النبي -صلى الله عليه وسلم- السماحة في الشراء بصورة أدبية بليغة على سبيل التحقيق، حين عبر بإذا، التي تفيد الحقيقة لا الشك أو التردد أو الكذب، كما تفيد السماحة في الشراء على سبيل الحقيقة في وقوع فعل الشراء في الماضي، الذي يدل على تحقق الوقوع، أي لا بد منه، فقال:"سمحًا إذا اشترى"، فيكون سهل المساومة في شرائه، سمحًا في تقويم البضاعة والسلعة فلا يبخس قيمتها، ولا يعمل على تطفيف الميزان والكيل وزيادته، فإن ذلك سحت، وأكل الأموال بالباطل، قال تعالى:{وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} ، وقال تعالى:{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} .
خامسًا: عبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن السماحة في اقتضاء الدين وقضائه؛ في صورة أدبية بليغة في قوله:"سمحًا إذا اقتضى وإذا قضى" فعبر أيضًا بإذا وبالفعل الماضي على سبيل التحقيق في الوقوع والتنفيذ، فيكون الدائن "سمحًا" في قضاء حقه، يطلب دينه في لين لا في فظاظة وغلظة، ولا خصومة وشدة، بل دعاه أن يتخلى عن الدين، لإ عسار المدين وجعل ذلك من زكاة ماله من سهم الغارمين مصداقًا لقوله تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} وأما السماحة في قضاء الدين؛ فعلى المدين أن يبرّ بوعده في رده في الموعد المحدد، إذا كان قادرًا وحيث لا يضطر إلى أسلوب المماطلة فهي ظلم يخل بالمروءة والسماحة، قال صلى الله عليه وسلم:"مطل الغني ظلم"، وقال أيضًا:"أعطوه دينه أعطوه إن خيركم أحسنكم قضاء" ورفع في منزلة السخي فقال: "السخي قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة بعيد عن النار".