وينفع الناس بعلمه، وهذه الغبطة محمودة، وأما الحسد المذموم، وهو أن الحاسد يتمنى زوال النعمة عن غيره، لتكون له وحده فقط، وأما المنافسة فهي أشرف من الغبطة والحسد، لأنها ضرب من التفوق في ساحة العمل والعلم الجاد؛ ليبذل كل واحد أقصى طاقاته، ليتفوق على غيره، وهو ما يحث عليه الإسلام في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} .
التصوير البلاغي في قوله -صلى الله عليه وسلم:"رجل أتاه الله مالًا"، تدل على التعظيم للرجل الموصوف بهذه الصفة، أي رجل عظيم، ولأن المال ليس ماله، وإنما هو مال الله يؤتيه من يشاء:{وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} وكذلك التنكير في قوله: "مالًا" أي كثيرًا، يزيد عن حاجته؛ فتجب فيه الزكاة والنفقة في سبيل الله، والصورة الفنية الثانية في قوله:"فسلط على هلكته في الحق" فالتعبير بالفاء للتعقيب السريع؛ للتصرف في المال بالإنفاق والصدقة والاستثمار لمصلحته ولمصلحة المسلمين، حتى لا يتورط في كنزه المحرم، ثم عبّر ببناء الفعل للمجهول حتى تتنوع الفواعل ليكون أعم من فاعل واحد، فدوافع البذل والعطاء عنده كثيرة، منها نفسه الطيبة، وحب عمل الخير، وتوفيق الله له بالبذل والنفقة، وحث أهل الخير له على النفقة والعطاء والكرم، ومقتضيات المجتمع الإسلامي وحاجاته الملحة إلى التعاون؛ والتكامل لبناء الاقتصاد الإسلامي بناء قويًا وعزيزًا، وغيرها من الدوافع الكثيرة؛ التي تدخل في دلالات عموم الفاعل، والصورة الفنية الثالثة في "هلكته في الحق"؛ فلا يقتر في ماله شحًا وبخلًا أو حرصًا، ولا يسرف فيه وفي الحرام البين المذموم، متناقضًا مع الحلال البين المحمود المشروع لقوله تعالى:{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} وقوله تعالى أيضًا: {وَآتِ ذَا