للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذل تدل إضافة ضميره -صلى الله عليه وسلم- إلى أمته على اعتزازه بها، وحبه لها وحرصه عليها قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} .

٣- الصورة الأدبية البليغة في قوله: "يدعون"؛ فهي تدل على أسرار جمالية كثيرة، وهي أن أمتنا أمة الدعوة للتوحيد والإسلام والسلام، وكذلك هي أمة معروفة مشهورة بين الأمم بصفاتها المتميزة الكثيرة، لأنهم يدعون بمعنى يعرفون بذلك، وكذلك عموم الفاعل في بناء الفعل للمجهول في "يدعون"، يدل على أن شهرتها ليست بين الأمم فحسب، بل شهرتها عامة تشمل الجن والإنس والملائكة، وكل ما يعلمه الله ولا يعلمه أحد سواه.

بلاغة التصوير الفني في قوله: "غرًّا محجلين من آثار الوضوء" فقد تنوعت في هذه العبارة الأسرار البلاغية اللطيفة منها:

١- تشبيه النور الإلهي الذي يشمل الوجه والكفين والقدمين والجسد كله بالبياض الناصع في غرة الفرس الأسود وتحجيله، وذلك في صورة مستمدة من الواقع الذي يعيشه المسلم، ويتعامل معه صباحًا ومساءً؛ ليكون ذلك أكثر تأثيرًا في النفس وأعظم وضوحًا؛ فهي محسة من الواقع.

٢- وفي هذه العبارة أيضًا توحي بصورة أخرى جاءت على سبيل الكناية، لتدل على أن الغرة والتحجيل في جبهة الفرس وقدمه ليست هي المرادة؛ بل المراد المعنى الكنائي البعيد وهو النور الإلهي الشامل الذي ينتشر في المحشر من الأمة المحمدية كلها، مما يشير الأمم كلها، وتتعجب من قوته وشدته، فيدفعهم ذلك للسؤال عنه، نتيجة لإسباغ

<<  <   >  >>