وإنّ شفائى عبرة مهراقة ... فهل عند رسم دارس من معوّل
وأخبرنا أبو أحمد قال أخبرنا الأنبارى، قال: حدثنا محمد بن المرزبان، قال حدثنا حماد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلى قال: حدثنا محمد بن كناسة، قال، قال أبو بكر بن عياش: كنت وأنا شابّ إذا أصابتتى مصيبة لا أبكى فيحترق جوفى، فرأيت أعرابيا بالكناس على ناقة له والناس حوله وهو ينشد «٢» :
خليلىّ عوجا من صدور الرّواحل ... ببرقة حزوى «٣» فابكيا فى المنازل
لعلّ انحدار الدّمع يعقب راحة ... من الوجد أو يشفى نجىّ البلابل
فسألت عن الأعرابى؛ فقيل: هو ذو الرمّة؛ فكنت بعد ذلك إذا أصابتنى مصيبة بكيت فاشتفيت. فقلت: قاتل الله الأعرابى ما كان أبصره! وقال الفرزدق «٤» :
فقلت لها إنّ البكاء لراحة ... به يشتفى من ظنّ أن لا تلاقيا
وقد تبعه البحترى على إساءته، فقال «٥» :
فعلام فيض مدامع تدق الجوى ... وعذاب قلب فى الحسان معذّب
تدق: من الوديقة، وهى الهاجرة لدنوّ الحرّ فيها. والودق: أصله الدنو؛ يقال: أتان وديق، إذا دنت من الفحل. والودق: القطر؛ لدنوّه من الأرض بعد انحلاله من السحاب.
والخطأ الفاحش له قوله؛ أى أبو تمام «٦» :
رضيت وهل أرضى إذا كان مسخطى ... من الأمر ما فيه رضا من له الأمر
والمعنى: لست أرضى إذا كان الذى يسخطنى هو الذى يرضاه الله عزّ وجلّ؛