للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فذكر إخطاء الموت إياه وتجاوزه إلى غيره؛ فجاد المعنى وحسن المستمع. وقد أحسن القائل:

ولا تحسبنّ الحزن يبقى فإنه ... شهاب حريق واقد ثم خامد

ستألف فقدان الّذى قد فقدته ... كإلفك وجدان الّذى أنت واجد

فجعل ما يتطيّر منه من الفقدان لنفسه وما يستحبّ من الوجدان للممدوح؛ وقد أساء أبو الوليد أرطاة بن شهبة، حين أنشد عبد الملك:

رأيت الدهر يأكل كلّ حىّ ... كأكل الأرض ساقطة الحديد

وما تبقى المنيّة حين تغدو ... على نفس ابن آدم من مزيد

وأعلم أنها ستكرّ حتّى ... توفى نذرها بأبى الوليد

وكان عبد الملك يكنّى أبا الوليد فتطيّر منه، ومازال يرى كراهة شعره فى وجهه حتى مات.

وإذا دعت الضرورة إلى سوق خبر واقتصاص كلام، فتحتاج إلى أن تتوخّى فيه الصدق، وتتحرّى الحقّ؛ فإن الكلام حينئذ يملكك ويحوجك إلى اتّباعه والانقياد له.

وينبغى أن تأخذ فى طريق تسهل عليك حكايته فيها، وتركب قافية تطيعك فى استيفائك له، كما فعل النابغة فى قوله «١» :

واحكم كحكم فتاة الحىّ إذ نظرت ... إلى حمام شراع وارد الثّمد «٢»

يحفّه جانبا نيق «٣» وتتبعه ... مثل الزّجاجة لم تكحل من الرّمد

قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا أو نصفه فقد

<<  <   >  >>