الناس. فقال ابن أبى دواد: ما أحسن هذا! من أين أخذته؟ قال: من قول أبى نواس «١» :
وليس لله «٢» بمستنكر ... أن يجمع العالم فى واحد
ومن سمع هذا الكلام يظنه مسروقا من قول جرير «٣» :
إذا غضبت علىّ بنو تميم ... حسبت النّاس كلّهم غضابا
وأخبرنا أبو أحمد قال: أخبرنا الأخفش، قال: أخبرنا المبرد عن الجاحظ قال، سمع قليب المعتزلى أبياتا للعتبى، وهى:
أفلت بطالته وراجعه ... حلم وأعقبه الهوى ندما
ألقى عليه الدّهر كلكله ... وأعاره الإقتار والعدما
فإذا ألمّ به أخو ثقة ... غضّ الجفون ومجمج «٤» الكلما
فقال لبعض الملوك يستعطفه على رجل من أهله: جعلنى الله فداءك، ليس هو اليوم كما كان، إنه وحياتك أفلت بطالته، أى والله، وراجعه حلمه، وأعقبه- وحقّك- الهوى ندما؛ أنحى الدهر- والله- عليه بكلكله؛ فهو اليوم إذا رأى أخا ثقة غضّ بصره، ومجمج كلامه.
وبهذا يعرف أنّ حلّ المنظوم، ونظم المحلول أسهل من ابتدائهما؛ لأنّ المعانى إذا حلّت منظوما أو نظمت منثورا حاضرة بين يديك تزيد فيها شيئا فينحلّ، أو تنقص منها شيئا فينتظم، وإذا أردت ابتداء الكلام وجدت المعانى غائبة عنك فتحتاج إلى فكر يحضركها.
والمحلول من الشعر على أربعة أضرب؛ فضرب منها يكون بإدخال لفظة بين ألفاظه. وضرب ينحلّ بتأخير لفظة وتقديم أخرى فيحسن محلوله ويستقيم.