للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وضرب منه ينحلّ على هذا الوجه ولا يحسن ولا يستقيم. وضرب تكسو ما تحلّه من المعانى ألفاظا من عندك وهذا أرفع درجاتك.

فأما الضرب الأول فمثاله ما تقدّم من صدر كلام قليب المعتزلى «١» وأما الضرب الثانى فمثاله ما ذكره بعض الكتاب من قول البحترى «٢» :

نطلب الأكثر فى الدنيا وقد ... نبلغ الحاجة فيها بالأقلّ

ثم قال: فإذا نثرت ذلك ولم تزد فى ألفاظه شيئا قلت: نطلب فى الدنيا الأكثر، وقد نبلغ منها الحاجة بالأقل.

وقوله «٣» :

أطل جفوة الدّنيا وتهوين شأنها ... فما الغافل المغرور فيها بعاقل

يرجّى الخلود معشر ضلّ سعيهم «٤» ... ودون الّذى يبتغون «٥» غول الغوائل

إذا ما حريز القوم بات وما له ... من الله واق فهو بادى المقاتل

فإذا ما نثرت ذلك من غير أن تزيد فى ألفاظه شيئا قلت: أطل تهوين شأن الدنيا وجفوتها؛ فما المغرور الغافل فيها بعاقل؛ ويرجو معشر ضلّ رأيهم الخلود، وغول الغوائل دون ما يرجون؛ وإذا بات حريز القوم ما له واق من الله فهو بادى المقاتل.

وهذا المعنى مأخوذ من قول التغلبى:

لعمرك ما يدرى الفتى كيف يتّقى ... إذا هو لم يجعل له الله واقيا

وأما الضرب الثالث فهو أن توضع ألفاظ البيت فى مواضع، ولا يحسن وضعها فى غيرها، فيختلّ إذا نثر بتأخير لفظ وتقديم آخر، فتحتاج فى نثره إلى النقصان

<<  <   >  >>